[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”في تداعيات التسلسل الانتخابي أيضا ما يلغي المكاشفة والشفافية ويكرس مظلومية الحقيقة, وهنا تكون الخسارات بنيوية مع الأسف؛ أي خسارات في الجدوى وخسارات في شحة المعرفة التي يجب أن تتوافر, وفي سياق ذلك جاءت الولائم السياسية مبكرا على الرغم من أن مفوضية الانتخابات حددت يوم العاشر من نيسان ـ أبريل القادم موعدا لانطلاق الدعايات الانتخابية.”

مشهد أراه يتكرر باستمرار في مؤتمرات وندوات وجلسات حوار وحلقات تدريبية أشارك فيها بين الحين والآخر, هناك مدعوون يأتون مبكرا لهذه الأنشطة ويتخذون لهم أماكن في الصدارة، ولكن عندما يزداد عدد الحضور يضطر القائمون على هذا النشاط أو ذاك إلى تبليغ الذين تسللوا إلى تلك الأماكن لمغادرتها لأنها مخصصة لمدعوين آخرين, وهكذا يتململ بعض (المتسللين) ويدخلون بمشادات مع أصحاب الدعوة، والبعض الآخر يضطرون إلى ترك مقاعدهم والتوجه إلى مقاعد خلفية بسرعة تحت تأثير الحرج!
هناك آخرون يحرصون على أن يكون لهم حضورهم على شاشات التلفار ضمن فضائيات يجوب مندوبون منها شارع المتنبي (سوق مكتبات) لإجراء مقابلات مع رواد هذا الشارع وغالبا في يوم الجمعة عن قضايا واسعة تمتد من العيوب الاجتماعية إلى العيوب السياسية والأمنية وخزين الفساد.
وبمعلومات أخرى, هناك شخصيات حاضرة للإدلاء بآراء عن هذه قضية أو تلك, المهم أن تكون صورهم على شاشة التلفاز لإرضاء غرور أساسه (الطمع) في تصدر الواجهة حتى لو كان يعرف بالسياسة ما يعرفه سيبويه عن محركات الطائرات, ولا تفوتني الإشارة هنا إلى أن أحد أصدقائي دخل في خصومة شديدة مع زوجته كادت أن تؤدي إلى الطلاق؛ لأنه كان يصر على أن تراه زوجته على إحدى القنوات الفضائية في حديث عن قضية العنف الأسري التي تشغل الرأي العام العراقي في الوقت الحاضر، لكن الزوجة رفضت تغيير قناتها المفضلة؛ لأن هناك مسلسلا هنديا يُعرض في الوقت نفسه.
مشاهدات أخرى مفرداتها تسويق وجوه نسائية باستخدام عروض الألوان التي تستطيع أن تجدها في كمية المساحيق وضربات الفرشاة في هذه (المنطقة) أو تلك للإيحاء بالغرابة والدهشة.
إنني إذ أشير إلى تلك المشاهد, فإن لي معرفة أيضا بمشادات متكررة وشعور بالغبن بين أسماء مرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة، وليسمح لي القارئ الكريم أن أصطلح عليها (حرب التسلسل) اعتقادا من أن الناخب مسطح الرؤية ويختار الأسماء الأولى، مع اليقين السائد أن الجميع في سلة واحدة، وبأن الساحة العراقية تفتقر لمرشحين قادرين أن يستقطبوا أصوات الناخبين؛ لأنهم لا يملكون أي المرشحين ما يقدمونه للناخبين من وعود ومطالب يستطيعون تحقيقها, وإذا كان البعض يراهن على انتمائه المناطقي والطائفي والأثني فإن بعض المرشحين يراهنون على دفع نار الاتهام باتجاه آخرين، علما أن السلة السياسية مزدحمة بملوثات خراب الذمم.
إن حرب التسلسل في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة تكشف كم هي الضحالة السياسية التي تحكم بعض المرشحين، وكم هو تأثير الواجهة وفقر المواقف التي يملكها هؤلاء المرشحون.
في تداعيات التسلسل الانتخابي أيضا ما يلغي المكاشفة والشفافية ويكرس مظلومية الحقيقة, وهنا تكون الخسارات بنيوية مع الأسف, أي خسارات في الجدوى وخسارات في شحة المعرفة التي يجب أن تتوافر, وفي سياق ذلك جاءت الولائم السياسية مبكرا على الرغم من أن مفوضية الانتخابات حددت يوم العاشر من نيسان ـ أبريل القادم موعدا لانطلاق الدعايات الانتخابية.
هكذا بين أطباق المقبلات والسمك المشوي على الطريقة البغدادية (المسكوف) يفرض الإحساس بالمجاعة حضوره برغم كثرة الأصناف، وعندها يظل امتلاء معدة الناخب شاهدا على موسم الطعام السياسي ضمن أسبقيات التسلسل!