الناعبي : على الدول السعي لتوفير الخدمات للشباب ليكونوا سببا للبذل والعطاء
أجرى اللقاء ـ أحمد بن سعيد الجرداني
ـ يجب أن يتعلم الشاب أن قيمته الحقيقة بما يقدمه لمجتمعه لا بما يستهلكه من مجتمعه
ـ قوة الشباب وطاقتهم المتوقدة لابد لها من موجه ولابد لها ممن يستوعبها ويفهمها حتى لا تذهب هباء منثورا
ـ متى ما أوتي الشباب الفرصة ليقدموا لمجتمعهم فإنهم لن يتأخروا عن ذلك
ـ الشباب إن لم يجدوا المتنفس المناسب فإنهم سيكونون مثل الموجة التي لا يمكن الوقوف أمامها
ـ على الشباب أن يعملوا عقولهم الشابة النقية في المساهمة في حل المشكلات الموجودة في المجتمع
ـ الاتكال على الغير سيحرم الأمة من مقدراتها ومن خيراتها

اجرى اللقاء ـ أحمد بن سعيد الجرداني

الشباب ركن أساسيٌ من أركان بناء المجتمع لأنهم الأصل والأساس، لأن الشباب أدرى بعصرهم وأكثر وعيا بما فيه، ولكن في الجانب المقابل ( الآخر) لا نغفل حكمة الشيوخ ورجاحة رأيهم، فلكل مجتمع ناجح لا بد أن يجتمع هذان العنصران، واللذان بدورهما سيكونان مكملين لبعضهم فالشيخ الكبير لديه الحكمة والدراية والمعرفة بحكم الخبرة في الحياة، والشاب لديه القوة والعلم وقد تنقصه الخبرة وطول التجربة في الحياة، لذلك لا بد لأي مجتمع كي يكتمل نضجه أن يمزج بين هذين العنصرين، مزجا تتناغم فيه تلكم الخبرات والكفاءات لصالح المجتمع الذي برقيه ترقي الأمة بأكملها.
وحول موضوع الشباب ودورهم في المجتمع كان لناء هذا اللقاء الطيب مع .. مصطفى بن ناصر بن سعيد الناعبي امام جامع اللاجال/ ولاية وادي المعاول.


الشباب ركن لبناء المجتمع

موضوع الشباب من الموضوعات المهمة التي لها دور في بناء المجتمع ، نريد منكم توضيحا لمفهوم الشباب؟
إن المتأمل في مرحلة الشباب يجدها قوة بين ضعفين، (رغبة جامحة للعمل والخروج عن المألوف من حين إلى آخر) ، وهذه المرحلة تأتي بعد طفولة الإنسان التي عاشها معتمدا على غيره، ليس مستقلا برأيه في كثير من الأحيان.
لأن الشباب ركن لبناء المجتمع ولذلك لا بد من وجود موجه لتلكم القوة، يهذبها ونحو الخير يرشدها، وعلينا أن ندرك أهمية هذه المرحلة ، كي نستطيع أن نعطي الشباب حقهم، وأن لا يكون المجتمع حجر عثرة في طريقهم ، وطريق تحقيق طموحاتهم، فمتى ما أوتي الشباب الفرصة ليقدموا لمجتمعهم فإنهم لن يتأخروا عن ذلك، وفي المقابل على الشباب أيضا أن يكونوا سباقين للأخذ بزمام المبادرة، والسعي لأن يستطلعوا حاجات المجتمع والسعي لتحقيقها، بل عليهم أن يقدموا الأفكار والرؤى التي تساهم في حل مشكلات مجتمعهم ، لأن المجتمع مظلة كبيرة يحتضن الجميع. وجعل الشباب ركنا أساسيا من أركان بناء المجتمع هو من الأصل والأساس، لأن الشباب أدرى بعصرهم وأكثر وعيا بما فيه، ولكن في الجانب الآخر نغفل حكمة الشيوخ ورجاحة رأيهم، فلكل مجتمع ناجح لا بد أن يجتمع هذان العنصران، واللذين بدورهما سيكونان مكملين لبعضهم فالشيخ الكبير لديه الحكمة والدراية والمعرفة بحكم الخبرة في الحياة، والشاب لديه القوة والعلم وقد تنقصه الخبرة وطول التجربة في الحياة، لذلك لا بد لأي مجتمع كي يكتمل نضجه أن يمزج بين هذين العنصرين، مزجا تتناغم فيه تلكم الخبرات والكفاءات لصالح المجتمع الذي برقيه ترقى الأمة بأكملها.

للدول دور في استغلال الشباب
ما هو دور المجتمعات في الدول لاستغلال طاقات الشباب؟
للدول دور في استغلال الشباب ، لذا لا بد للدولة أن تسعى لتوفير الخدمات التي تكون سببا لاستغلال أوقات فراغهم، وأن تكون تلك الخدمات دافعا لهم للبذل والعطاء بلا حدود، لأن قوة الشباب وطاقتهم المتوقدة لابد لها من موجه ولابد لها ممن يستوعبها، ويفهمها بدلا من أن تذهب هباء منثورا، بدلا من أن تذهب في السهر وإضاعة الوقت والمال، وتكبيد الدولة الكثير من الخسائر بسبب عدم وجود متنفس لطاقاتهم المكبوتة، وتضييق الخناق عليهم بدون إيجاد بديل لما تم منعهم منه، فليس العبرة بكثرة لا تفعل، بل العبرة بكيف تفعل.
فعلى الدول أن تعطي الشباب الفرصة كي يأخذوا دورهم من خلال الأخذ برأيهم، وجعل من يكون أهلا للقيادة في مكان القيادة مع وجود متابعة له في توجيه دربه وتصحح له وتسدى له النصح والإرشاد. لأن الشباب إن لم يجدوا المتنفس المناسب فإنهم سيكونون مثل الموجة التي لا يمكن الوقوف أمامها ، وهنا قد يكون فات الأوان، وانقضى الوقت، وصار الأمر واقعا لا محالة.
السيرة النبوية حافلة بالنصوص
هل لكم من وقفة حول دور الشباب من خلال سيرة السلف الصالح لكي نعطي الشباب الحافز وتذكيرهم بما كان عليه الاوائل ؟

نحن نجد أن السيرة النبوية حافلة بالنصوص التي تبين بوضوح لا لبس فيه ولا خفاء اهتمام النبي – صلى الله عليه وسلم - بالشباب وتوجيههم حسب قدراتهم وامكاناتهم نحو الطريق الصحيح.
فنرى أنه عليه الصلاة والسلام أعطى شابا صغيرا لم يبلغ العشرين من العمر فرصة لقيادة جيش جرار وهو أسامة بن زيد بن حارثة، وهذا يعلمنا أن نعطي الشباب حقهم وأن نفسح لهم المجال في أن يأخذوا زمام المبادرة والسعي بأنفسهم كي يكونوا مساهمين فاعلين لبناء مجتمعهم، والرقي به.
وعلى الشباب أن يعملوا عقولهم الشابة النقية في المساهمة في حل المشكلات الموجودة في المجتمع، وأن يكونوا مخترعين لما تدعو الحاجة إليه، فالشباب هم منبع الأفكار التي لاتنضب، وخيالهم خصب،والإبداع لديهم لا حدود له.
فمن هنا على الشباب أن يرسموا خطة مستقبلهم، وأن يكونوا أصحاب هدف وغاية في هذه الحياة، فبهذه الأهداف يستطيعون أن يستشرفوا المستقبل ، وأن يكونوا حملة رسالة، المغريات كثيرة ، وسارقو الوقت كُثر، والفطن من تنبه لذلك، وعرف قيمة هذه المرحلة التي يمر بها، وهي مرحلة ذهبية، تجتمع فيها قوة البدن واتقاد الفكر، وسعة الأفق، وقد كان النبي الكريم- صلوات ربي وسلامه عليه- يوجهنا في أن نكون واعيين لهذه المرحلة وأن نعطيها حقها، وذلك عندما قال :" لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس.." ومن ضمن هذه الخمس "..وشبابه فيما أبلاه"، فالتسكع وإضاعة الأوقات فيما لا طائل منه، هو بلا شك وقت ستندم عليه أيها الشاب، وستبكي الدم بدل الدموع في أن وقتك ذهب سدى، وبلا طائل، وصدق من قال حينما قال:
إن الشباب والفراغ والجدة ** مفسدة للمرء أي مفسدة
وليس هذا ردعا عن التمتع بالمباحات، والأخذ من الطيبات، ولكن ساعة وساعة كما جاء، فكيف يمكن لأمة أن ترتقي وأن تصعد سلالم التقدم والنمو والنجاح، ونرى شبابها قابعين وراء ما لا طائل منه، ويسعون سعيا حثيثا للتقليد الأعمى، وكأن حياتهم لا تحلو ولا تكون لها قيمة ومعنى إلا بالتقليد الأعمى، والركض خلف الصيحات الجديدة، حتى وإن كانت تخالف عقيدتنا الإسلامية وأخلاقنا الراقية، فلا بد من وقفة مع النفس نستجلي من خلالها ماذا قدمنا؟ وما هو هدفنا في الحياة؟ وماذا قدمنا لبلوغ هذا الهدف؟ والتخطيط لابد منه، وكما جاء علي بالسعي وليس علي إدراك النجاح.
الاتكال على الغير سيحرم الأمة
هناك مبدأ يقوم به بعض الشباب وهو التقليد للآخرين هل لكم بيان ذلك؟
التقليد ليس مبدأ بل خطأ فكري .( ظاهرة التقليد لدى الشباب) فالتقليد يجر على المجتمع الويلات من خلال شباب تملصوا من قيم مجتمعهم، وتناسوا ثوابت دينهم، فلا يشغلهم غير أن يقتنوا كل جديد، فيصبحوا مستهلكين لا منتجين، ويكونوا جزءا من مشكلة مجتمعهم مع أن الأصل في الشباب أن يكونوا هم الحل وعلى أقل تقدير أنهم جزء لا يستهان به، وبالدعة والاتكال على الغير ستُحرم الأمة من مقدراتها ومن خيراتها، والسبب في كل ذلك هو بُعد الشباب عن تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وتفضيلهم الدعة والخمول بدلا من أن يجهدوا عقولهم للتفكير في حل المشكلات، وتذليل الصعاب، وصرنا نتنافس فيما لا فائدة منه، بل وللأسف الشديد يختصم الشباب لأجل ذلك، ولو دققت الفكر فيه لنبحث عن فائدة حقيقة مرجوة ما وجدت ولن تجد.
أرجع وأقول لا بد أن نغرس في شبابنا في مرحلة طفولتهم أنهم ولدوا ليقودوا لا ليقادوا، وأن التغني بالماضي لا يقدم ولا يؤخر شيئا إذا كنا نكتفي به دون أن يكون دافعا لنا لبذل المزيد، وأن يكون رافعا للهمم، عندما نتذكر ماضينا التليد، مع غرس أهمية أن يعرف الإنسان هدفه في هذه الحياة، وأن يكون مستشعرا لهذا الهدف، عازما على تحقيقه ، مستعينا بالأسباب الموصلة إليه، فهنا سيكون الشباب فعلا استلموا دورهم، وعرفوا قدر الرسالة التي يحملونها لكي تصل للعالم أجمع، وأنا هنا لا أقول أن الأمر سيكون غاية في السهولة، بل لابد من الصبر والمصابرة، وإلا فلن نشعر بلذة النجاح ولا بحلاوته إذا جاءنا سهلا ميسرا بلا تعب ولا جهد.

فكن جزء من الحل
هل لكم من كلمة تختمون بها هذا اللقاء الطيب ؟
نعم هناك كلمة أضعها في أذن كل شاب وهي يجب أن تعلم ايها الشاب أن قيمتك الحقيقة بما تقدمه لمجتمعك لا بما تستهلكه من مجتمعك، وأن المجتمع ينتظر منك الكثير، فكن جزء من الحل، وأترك الأثر الجميل خلفك، لا تغتر بما تملك من قوة ومال، ولا تنسى نفسك في خضم المغريات التي تأتي من كل جانب، وتذكر أنك ستحاسب على كل ما قدمت إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعده عن كل شيء