قد كان لي صوتٌ
كغمغمة المصلي
خاشعًا بين التهجّد والنعاس
كحفيفِ أشجارٍ معفّرةٍ بذاكرة الغبار
كصليل أسيافٍ برزحة ذلك العيد البعيد
كهمهمات الريح خلف نوافذ الغرباء
كنحيبِ صعلوكٍ بليلٍ
تُحكمُ الصحراءُ قبضتها عليه
كصراخ أطفال الجنائز
ضاحكين وهازئين من المقابر والفناء
قد كان لي صوتٌ وأحبالٌ وآفاقُ الصدى
ولي المدى إرثًا لأسلافٍ تسلّوا بالمهالك والردى
والآن تنكرني اللغاتُ الأرضُ والتاريخُ والأحفاد
مطرٌ من الأحقاد يغرقها البلاد
وحفنة الأوغاد تلهو بالمصائر
الآن تنكسرُ الدوائر
في فضاء قيامة الموتى
لينهضَ طائر ُ الفينيق
محترقًا بأغنية الرماد
قد كان لي صوتٌ
وذاكرةٌ تفيض بكل أصوات الرعود
فمتى يعود لصوتيَ المفقودِ
عصفورٌ سيرتق بالغناء الحرِّ أثوابَ السماء؟

محمد السناني