بدأت بحلقة عمل شارك فيها 37 فنانا عربيا وانتهت بفسيفساء لأعمال الفنانين

متابعة ـ فيصل بن سعيد العلوي :
بلوحات متنوعة تشّكلت في اتجاهاتها المختلفة ومدارسها اسدل الستار مؤخرا على فعاليات الملتقى العربي للفن التشكيلي الثاني الذي نظمته الجمعية القطرية للفنون التشكيلية بالمؤسسة العامة للحي الثقافي بكتارا بالدوحة وشارك فيه 37 فنانا من قطر والعالم العربي، بالإضافة الى نخبة من النقاد والإعلاميين، برعاية عادل علي بن علي الرئيس الفخري للجمعية.
ومثل السلطنة في الملتقى في دورته الثانية كل من الفنانين انور سونيا ومريم الزدجالية ويوسف النحوي وريا المنجية ، كما شهد الملتقى في حفله الختامي حضور معالي صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة القطري برفقة عادل علي بن علي الرئيس الفخري للجمعية القطرية للفن التشكيلي الراعي الرسمي للحدث ويوسف السادة رئيس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية ورئيس اتحاد الجمعيات التشكيلية الخليجية ، وقد شهد الحفل تكريم الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية كأول امرأة تترأس جمعية تشكيلية ، كما تم تكريم الفنانين المشاركين من مختلف الأقطار العربية إضافة إلى المكرمين وضيوف الشرف والنقاد المشاركين في الندوة الفكرية المصاحبة.

ندوة فكرية

شهد الملتقى ضمن فعالياته إقامة ندوة فكرية تناول فيها الاعلامي المصري جمال بخيت نبذة عن رائد التسجيلية الواقعية القطري الراحل يوسف الشريف، حيث قال" نتذكر احد علامات الفن التشكيلي القطري واحد رواده الكبار، وفي بادرة طيبة يتذكر الملتقى احد اهم المبدعين في فنون التشكيل القطري يوسف الشريف الذي آمن بالواقعية التسجيلية وعاشق التعبير والمولود أواخر خمسينات القرن الماضي والذي تفجرت موهبته مبكرا من المرحلة المتوسطة رغم رفض أسرته هذا الاتجاه باعتباره مضيعة للوقت ولكن الراحل أخذ تصميمه ورحل الي عالم اللون والتصوير مكونا فكره واتجاهاته الى عالم الفن. واشار الاعلامي جمال بخيت الى تأثر الشريف بعد رحلاته الخارجية ورؤية المتاحف والقاعات الفنية ما فجر بداخله الرغبة الأكيدة في الشهرة العالمية بل وأصبح احد آماله ان يشاهد الغرب أعماله وإبداعاته من رسم التراث وملامح الحياة الاجتماعية في قطر وايضا سجلت ريشته الغوث والرقصات التراثية وألعاب الأطفال ورقصات العرضة وغيرها وكلها علامات من رموز مجتمعية تراثية من الواقع ما زال بعضها يعيش الى الآن".
وأضاف "بخيت": لقد مثلت الحياة الشعبية النموذج الشعبي التسجيلي الذي عالجه بواقعية لا تزال تكتب صفحات الحياة التشكيلية وباقية للمشاهدة والتأمل اضافة الى إجادة المنهج التعبيري عندما رسم لوحة التحدي في اخر أيامه وايضا لوحة القصر المهجور والتي شكلت خلاصة تأثيرات فنه ولوحاته.
من جهته ناقش الناقد يحيي سويلم "قضية الاقتناء وما يواجهها من صعوبات وبعض جوانب المشهد الثقافي" وقال: ان الفن التشكيلي في الوطن العربي بدأ متأخرا الا انه ازدهر وما زال في حالة تقدم كما ان الغالب على هواة الجمع في عصرنا الحالي هو الدافع الاقتصادي في الحصول على ثمن جيد لمجموعاتهم في المستقبل كما ان هذا الجمع لابد ان يتوفر له عنصر الجمال.
وتناول "سويلم" سوق اللوحات في المغرب نموذجا وقال ان هناك أسبابا كثيرة لترويح اللوحات غير الجودة والشهرة للفنانين كما تحدث سويلم عن فلسفة المتحف وقال ان اعداد فلسفة العرض المتحفي تتناول العرض المتحفي مثل الترتيب التاريخي لحركة الفن والاساليب والتقنيات، وتتناول سويلم بيوت المزادات حول العالم.
كما تناول الباحث المؤسسات الثقافية العربية الكبري ومشاريعها ودور الثقافة والفنون والفنان نحو مجتمعهم، وتحدث عن خصوصية التجربة الفنية في الأقطار العربية والبعثات الخارجية للدراسات الفنية التشكيلية. وفي الجزء الأخير من الندوة تناول "سويلم" فضية الثقافة الفنية التشكيلية وايضا المدرسة والمنهج والطفل والإعلام وأثره في نشر الفن والنقد التشكيلي الحر والموسوعات الفنية والكتب والمطبوعات وقضية الترجمة.

تدشين كتاب

في الملتقى دشّن الفنان التشكيلي يوسف السادة كتابه الأول الذي ضم أكثر من ٨٠ إبداعا في ١٠٠ صفحة من القطع الكبير ، حيث تنقل “السادة” في كتابه بين الخيول العربية الأصيلة والحمام والصقور والمحامل التقليدية المتميزة في صناعتها وتشكيلاتها ، وبين المباني الأثرية ومكونات التراث العريق وبين الماء والصحراء ، بين المها وأزقة الحارات القديمة ومكوناتها التراثية ، وبين الأرض وخضارها وبين البحر وثروته وبين الإنسان وأمنياته بين مساحة متجددة في درب يشع خضاره تفوح رائحة البخور منه .. بين الأطفال العابرين من مرفأ إلى براءة حملت التفاصيل المتقدة في نظرة الطفولة بسموها وعنفوانها ، وبين نظرة المرأة القطرية مربية الأجيال لجيل يسمو بعزة ماضيه الجميل رغم قساوة بعض اللحظات في أوانها .. ليختتم الكتاب بعشر صور تنوعت بين المعارض الشخصية للفنان يوسف السادة وبين حالاته اللحظوية التي ينتهجها عند ميلاد قصيدة لونية موزونة في صدرها وعجزها.

مد الجسور
وبهذه المناسبة قال عادل علي بن علي الرئيس الفخري للجمعية القطرية للفنون التشكيلية رئيس مجموعة علي بن علي الراعي الرئيسي للملتقى : " ان الملتقى التشكيلي يشكل محطة تاريخية تشكيلية تتباهى بها الدوحة.. وفرصة للقاء والحوار، وتحقيق التفاعل، ومد الجسور الثقافية بين المؤسسات الفنية والمبدعين من الفنانين.. ليواصلوا نجاحات الملتقى التشكيلي الأول.. وليكملوا حواراتهم باللون والفكرة.. بالكلمة والرؤية.. نأمل أن يحقق هذا الملتقى غايته، ليظل هذا الملتقى التشكيلي حدثا متفردا يدخل في سياق الجهود المبذولة للنهوض بالتنمية التشكيلية -ان جاز التعبير- وهي جزء أساسي من التنمية الثقافية، والتي من شأنها تشجيع المبادرات التنموية الفنية، لتصير لغة خاصة للتعبير عن أنفسنا، وعن قضايانا، وعن قضايا مجتمعاتنا الملحة. إذ أصبح من المعروف أن الفن ضرورة، وصناعة تنهض بالإنسان والمكان.. وتسهم في إيجاد أجواء جمالية وإنسانية مريحة، وتفاعل ثقافي اجتماعي يسمو بالإنسان" .
وأضاف عادل علي بن علي "الملتقى ولد بمحبتكم، ويستمر بحضوركم، تحفيزا للحركة التشكيلية في العالم العربي وتكريما للفنانين الذين تضاهي لوحاتهم أعمال كبار الفنانين العالميين على المستويين الفني والفكري، وبهذا تتحقق أهداف الملتقى في إيجاد بيئة مناسبة للفنانين التشكيليين والاحتفاء بهم، وفتح المجال أمام الفنان القطري للاستفادة من التجارب الفنية الرائدة، وتوثيق ذهنية التشكيلي العربي، الفكرية والاجتماعية، وبالطبع الفنية".

استمرار وتطوير
من جهته قال الفنان يوسف السادة رئيس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية (رئيس اتحاد جمعيات الفنون التشكيلية الخليجية) : هذه الدورة شهدت مشاركة عربية وخليجية واسعة، من أجيال متفاوتة ومن الجنسين ,اضحى كنوع من الاحتفال بالفكر التشكيلي، الذي أصبح غاية لكل المنتمين لهذا الفن الجميل من فنانين ونقاد ومقتنين ، ونؤكد نحن مجلس إدارة الجمعية أننا قادرون علي الاستمرار والتطوير، ليأتي هذا الملتقى بخامات شابة نفتخر بها باستضافة فنان شاب كضيف شرف للملتقى وتكريم الفنان الراحل يوسف الشريف وفاءً منا لإنجازاته .

ثراء الحركة التشكيلية
من جهتها، أبرزت الفنانة بدرية آل شريم، أمين السر في الجمعية القطرية للفنون التشكيلية ونائب رئيس اللجنة المنظمة للملتقى، ان الملتقى أثمر أعمالا في منتهى الجمال، وهو ما يؤكد نجاح الجمعية في اختيار الأسماء المشاركة، وتطور الملتقى في نسخته الثانية. وأكدت آل شريم أن الأعمال التي قدمها الفنانون تجسد مواضيع إنسانية واجتماعية وإنسانية، وتعكس مدارس فنية متنوعة، وتثري الحركة التشكيلية.

تشجيع للمزيد
وقالت الفنانة التشكيلية العمانية مريم الزدجالية : نحيي الجمعية على هذا النشاط الجميل بدعوة نخبة من الفنانين الذين أثروا الحركة التشكيلية خلال مشوار حياتهم، وأضافوا للفن التشكيلي العربي، وهو ما يشجعنا كفنانين للاستمرار في هذا المجال، ولمزيد العطاء، ومساعدة الجيل الجديد من الفنانين والأخذ بيدهم.

صيرورة الفن العربي
من جانبه قال الفنان العراقي رياض هاشم: المشاركة مثمرة جدا حققت منها التعرف على الفنانين العرب عن قرب. العمل مع بعض يساهم في إغناء تجربتي من خلال الحوارات وطرق اشتغالات العمل الفني من ناحية التقنيات التي يستخدمها الفنان العربي. التجربة مهمة جدا لأنها تؤدي إلى نشاطات أوسع وإلى مكتسب أكبر عند الفنان العربي، وفي نفس الوقت تشكل صيرورة الفن العربي وتجعله يرتقي نحو مدارات أبعد من الحالية وتزيد الألفة والتقارب بين الفنانين العرب.

اساليب إبداعية جديدة
فيما قال الفنان السوداني راشد دياب : سعيد بمشاركتي في هذا اللقاء الجميل للفنانين العرب، وكانت فرصة طيبة لكي نتعلم أساليب جديدة في العمل الإبداعي، ولقاءات فكرية من الناحية النظرية والعملية.