[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كلما بدّل وغيّر ترامب من طاقمه توصلنا أكثر إلى تفسير العالم على أسسه الحقيقية، وهي أن أميركا تختار حالها لترمي الصدمة والرعب في قلوب ضعيفة، وهي لم تعرف بعد كم من قوة القلوب موزع في الشرق الأوسط وخصوصا في العالم الذي تظن الولايات المتحدة أنها قادمة لقهره.
لن يخيف جون بولتون أحد في المنطقة .. ولن يمنع وزير الخارجية الجديد بومبيو من استكمال مشروع تحرير سوريا وخصوصا من بلاده. فكفى بلادنا العربية مافعلته الولايات المتحدة وما دمرته وما خربت فيه، لكننا نشكرها على انها اطلقت روح المقاومة والممانعة وشكله في البلدان التي التزمت به حتى صار هناك مرجعية لهذا النموذج الحي، فكانت روسيا التي لها كل الشكر، وهي رغم مافعلته في سوريا تخشى أن تتهم بغير ماتضمر .. إنها مثال القوة التي تعرف ضمير الشعوب التي تتعامل معها. كما الشكر لإيران التي تتعرض اليوم لما لم يخفها في السابق بل جعل خياراتها أكثر اتساعا وإنتاجا في كل الميادين، وهي قصة الاعتماد على النفس. كما الشكر لحزب الله الذي كتب النص الحقيقي للمعنى القومي للعروبة.
الرئيس الأميركي ترامب على مايبدو موهوب بالعمل على مزاج أخصامه الذين يرى بعضهم أعداء. ظنونه في قوة بلاده المفرطة، لكن العديد من العالم لم يخف منها، بل لاعبها بمهارة عشقه الوطني، وسجل في مرماها إصابات قاتلة لايبدو أنها تتعلم منها أو تحتاط كي لاتقع فيها مرة أخرى وأخرى وأخرى . فكم من التاريخ تكرر وسيتكرر على مايبدو ، وكم من التوابيت الأميركية ستجهز الإدارة المتجددة أمام عيون شعبها، أم هؤلاء الشباب الأميركي فائض عددي يراد الخلاص منه.
المشهد الأميركي لـ " الغزو " يكتمل ، رائحة بارودة يتم تجريبها، ولنقل أنه بداية نقض النص القائم مع إيران، واستكمال الحكاية المشبعة بالكراهية الترامبية في فلسطين، وتغذية روح العداء مع كوريا الشمالية، ووضع حزب الله ضمن الهدف القاتل، وتغيير الطاولة مع الروس، واللعب مع مادورو وكوبا ... كلها طريق واحدة لعقل ضيق لايرى سوى حاله فيسقطها على هذا الآخر، وكل ذلك من منبع القوة المفرطة التي ورطت الولايات المتحدة، مثلما ورط النفط العديد من العرب في أمور أكبر منهم.
دائما تمنت الشعوب أن لايكون هنالك قوي لديه غرائز وأنياب حادة بدل فكر إنساني .. ويبدو أن من كتب تاريخ الإمبراطوريات المجرمة وضع نصا موحدا لها منذ بدء الخليقة، فيما وضع للشعوب الضعيفة زنودا لاتكسرها الأعاصير وعقلا لايهاب المخاطر وشجاعة لاتنام في الصدور إلا عند تحقيق أهدافها.
سيسقط بولتون وبومبيو وغيرهما عند أول كلمة في نص احترقت أوراقه كلما كان تعديا على الشعوب المؤمنة بربها وبسواعد أبنائها وقدراتهم. فأميركا مكشوفة منذ زمن بعيد، تبدو مهابة إلى أن تتساقط أوراقها ويبدأ النحيب في بيوت الأميركيين وتفتح مقابرهم ولا تنغلق.
يخطيء ترامب الموهوب باتخاذ القرارات، بأن قرار إعدام فلسطين وسوريا والعراق وحزب الله وإيران وحتى روسيا وغيره قادر عليه. هو يكرر تاريخا أميركيا لاغير، يلعب من محتواه الاستعماري، ونأسف أن يفكر القادر بمثل ماهو حال الأميركي على ألا يكرر حاله في كل مرة وخلال سنين لايفصل بينها سوى تهيئة المناخ لذلك.