[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تنتهي معارك ولا تنتهي الحرب، تمضي السنون، سنة وراء أخرى، فيتراكم غبار المعارك ويعم الخراب ويموت الآلاف، لكن من اخترع تلك الحروب لايريد لها نهاية .. هو كتب البداية فقط وترك تطورها إلى الحين الذي يحقق من خلاله أهدافه.
اليمن تدخل السنة الرابعة، وسوريا الثامنة، وليبيا التاسعة، والعراق عداد مفتوح، وتونس تتأرجح، ومن تبقى من أمة العرب ينتظر، والانتظار أصعب من لغة الميدان، إنها حرقة الأعصاب، خصوصا حين لايعرف المرء متى موعد احتراقه.
لم يبق من الغوطة الشرقية سوى دوما، حيث للسياسة المؤقتة مكان في البحث. في لغة التعجيزات التنظيم الإرهابي المقيم فيها يريد فرض شروط انتقاله، فبدلا من إدلب القلمون، إنه طلب من لايريد خروجا رغم أنه في محنة لاحل لها سوى خروجه وبالقرار السيادي السوري، وإلى إدلب طبعا، فإما بالبحث الحواري تحت الطاولة وفوقها وإما بالقوة.
عندما ينهزم من كان يظن العكس، وخصوصا في الحرب على سوريا وما امتلأت به آذان الإرهابيين من مموليهم إن سقوط الدولة والنظام والجيش مجرد أيام أو أسابيع وبأقصاها شهور قليلة .. وبعدها ستتسلمون الدولة، ستأكلون خيرها وستصنعون مايروق لكم من أفكار حكم وسلطة.
مسكين من يصدق وهو لايملك سوى وعود الآخر .. ولنفترض أنه حقق أهدافه بسقوط الدولة السورية، فهل كان يظن أنه الحاكم المقبل لسوريا وهو مجرد مأمور عند مأمور كما يقول الرئيس السوري .. قائد هذا التنظيم وغيره من القيادات التي عينت نفسها بقوة الغير نتيجة الخدمات التي قدمتها له، قد يصبح في أحسن الأحوال نائبا إذا أقيم برلمان، أو وزيرا إذا حسم أمره، لكن هذا الجيش من إرهابييه بماذا سيقنعه وهو الذي قاتل ومات منه الكثير وخسر عمره ومستقبله سوى أنه قد يصبح جنديا في جيش.
لو قرأ هؤلاء مذكرات من انخرطوا في الحروب المشابهة، لارتجفت قلوبهم جزعا مما صار .. والأهم، كلام الندم على ماارتكبه المنخرطون من موبقات وقتل وحرق وتدمير .. المشكلة كلها في الشباب الطائش الخارج من بيته لتوه، وذاك الذي لم ير من الدنيا سوى ماسمعه، معدم الخبرة والتجربة، مؤهل فقط للموت المجاني وهؤلاء هم من يدفع الثمن غاليا من دمه وعمره ومستقبله وكيانه .. عندما يستيقظ من الغفوة التي وقع فيها أو أوقع نفسه في أتونها، يكون الزمن قد هرس عمره، فإن ظل على قيد الحياة لن يكون أمامه سوى الانزواء، والتعبد على ماارتكبه من خطايا وأخطاء، وعلى الدولة بعدها أن تقوم بإعادة تأهيله، رغم أن الذين قاتلوا في أفغانستان مثلا مازال الكثير منهم منخرطا في موجات الإرهاب المتعددة ، إما مسؤولا في التنظيمات تلك أو مقاتلا خبيرا بمواهب القتل الذي يبدو أن التجارب السابقة لم تشبع غرائزه الجامحة.
إني لاعجب حتى الآن من أولئك المسلحين السوريين الذين يرفضون حتى اللحظة التوبة والإصرار على الخروج بالحافلات إلى أمكنة يعرفون أنها ستكتب نهاياتهم. ماهذا الإشباع في الخيار المدمر رغم التقديمات التي تعلنها الدولة وأقلها العفو، وعليهم أن يتعظوا من أولئك الذين خاضوا تجربة العفو فتنازلوا عن سلاحهم وأعادوا تنشيط دورهم الاجتماعي ويعيشون اليوم في أمان واستحسان.