حين يُذكر اسمه يخفق قلبي بالجوى (الله)، يهزني الحنين فأقلب بصري في صفحات إبداع الوجود، وكل ما في الوجود يزيدني حباً وشوقاً لله، فلا أملك إلا البكاء، أصهر الروح ليراها كم تهواه، كيف يوقدني هذا الحب المقدّس بناره فلا أملك إلا النور، صفحات في الكون ممتدة تهديني إليه تعالى شوقاً، أقف حائرة أمام النور! كيف هو نور الله - جل في علاه-؟!
يا أيها النور خذني حيث رضاه فإني أحبه وأُشهد الكون على ذلك، أظل أجلو فؤادي بنار الهوى لأحظى بقربه، آه لو يعلم الناس لذة الحب المقدّس، لو يدركون لأتوه سجداً ولا أطيب من السجود في الحياة..
تلك السماوات التي تسري إليها روحي، تتبعثر معها حروف حنينها لتكون الربيع للوجود، السجود طهر ونقاء، ووصال بالله - جل في علاه - هو عالم آخر، ذاك الذي يرحل بالروح مع ألوانها الأخرى.
يا موقد الهوى أذبتَ عينيَّ وروحي، وطيبت لوعتي وجروحي، فكيف لا أزداد حبّـاً؟! وكيف لا تكون طباً؟!
إن السحب إن أقبلت الهوينا، تنسج لقاءها شعراً أذابت ضلوعي حنيناً لمكة، ثوبها الأبيض يأسر الروح، إحرام وسلام، وحمام آمن ووئام، أي لوحة تشهدها الروح، وكل ما في مكة يردد التلبية معها؟!
كيف لي أن أتمالك مشاعري وأنا أرتمي في رحاب الحرم.. في رحاب الشوق؟ كيف وأنا أُخضِّب السجاجيد الحمراء بدمعي، كيف يا مكة؟! كيف أحضن المصحف وأنزوي لأرتل وأرتوي؟! حدثيني شوقاً يا ديار مكة.
كيف أتلو آيات الكعبة
وقلبي هوى أمام الباب والحجر
ومقام الشوق في نظري
كيف أقف؟ حياءٌ يسربلني
وزلزل أوصالي رجائي ومدّكري
ماذا أقول ولغة الشوق
قد طيبت أثري
ماذا أقول إله الكون
ذاك الفؤاد أتاك مبتهلاً
ترتيله الهوى ومواجع السفر
ماذا أقول إله الكون
وقد نزعت ضلعي أرتله
من نار هواك قد غدى وتري
ماذا أقول وأي مقام يحتوي سرّي
أحبك.. آه.. هوت بي.. ما الذي يرضيك
أأشدو هواك شعراً.. أم من درّ الجوى نثري
أتيت أنا.. هناك وإن كنت هنا
أسقي خطاي بدمع حنيني
ألا يا حنين ارفق..
فلست إلا رفيق الحِلِّ والسفر
اصهرني كما تشــــــــــاء..
صغني آية من نور حج ومعتمر
إني أنا طير سابح في فضاء هواه
وإن مضت خطاي على الثرى
رسمتُ الشوق من تبري
"أحبك" ألا اربط على قلبي لأنعم بالهوى
فما دون هواك هوىً
وهواك أرشدني للنور والخير
فاجعل فؤادي دليل الحائرين هدى
وبدداً ظلمة الأرواح بالطهر

أم عاصم الدهمانية