[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
قال الاستراتيجي مفصلا: الحرب الكلاسيكية المعتمدة على الجيوش حرب الأقوياء، اما الشعبية فهي الحرب الأقوى، انها ابنة التاريخ الأعمق التي تثبت صلاحياتها يوما بعد يوم. لو جرى قتال مختلف اثناء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982 من قبل المقاومة الفلسطينية، لما ربح الإسرائيلي، كان بالإمكان على الأقل ان لا يهزم الفلسطينيون كما جرى لحزب الله في حرب 33 يوما عام 2006.
ليست حرب الشعب اذن من الأسرار، وقد مورست في العديد من البلدان وحققت نصرا. هي في الجزائر مثل صارخ، وفي فيتنام ايضا .. هي في العراق تاريخ عشناه .. وقبلها في كوبا ... وغيرها.
فكرة بذرة باتت معلما في أيامنا، تهابها الجيوش الكبرى بكل قوتها المخيفة .. باتت اليوم ملاذ الشعوب عندما تريد ان تتحكم بمصيرها الوطني وان تفرض وجودها على ارضها وان تصنع بعد تكلفة ما يناسبها من نصر اكيد .. صحيح ان تكلفتها كبيرة وتحتاج لزمن وتضحيات، الا انها الرابح الذي لا منازع حوله.
هي باختصار ولادة من مفهوم حرب العصابات التي مورست، سواء في الصين، أو في فيتنام، أو في الجزائر، ومارستها المقاومة الفلسطينية، ومارسها حزب الله بأسلوب الإضافة الكلاسيكية .. ومارستها كوبا قبلهم جميعا .. لكن الذي وضع لها قواعد واسلوبا وطرقا هو تشي جيفارا في كتابه الذي الفه عام 1961 ودعاه "حرب الغوار". وايقن هذا الثائر الأممي، ان هذا النوع من الحروب هو القادر على هزيمة اقوى الجيوش واعتاها .. واذكر اني قرأت مقالا لأحد الكتاب الغربيين حول هزيمة العرب في يونيو 1967 اكد فيه الكاتب ان السبب الرئيسي للهزيمة كان ابعاد الشعب عن المشاركة في تقرير مصيره وعدم تسليحه باعتماد الحرب الكلاسيكية التي من المؤكد انتصار اسرائيل فيها، هي الولايات المتحدة بطريقة غير مباشرة ان لم تكن مباشرة.
صحيح ان الجيوش الكلاسيكية تملك قوة لا يمكن الوقوف بوجهها وتحتاج لجيوش اقوى، الا ان العرب بكل اسف لم يصلوا إلى هذا المستوى من الجيوش القادرة على الوقوف بوجه اميركا الا عن طريق حرب العصابات التي هي حرب الشعب كله. ولذلك كانت فكرة الحشد الشعبي التي تمثل اقرب التصورات إلى فكرة حرب العصابات، وقبلها مفهوم الحرس الثوري مثلا في ايران، ثم حزب الله في لبنان .. وفي البعيد مارست "جبهة التحرير الوطني الجزائري" مفهوم هذه الحرب بكل تفاصيلها وتشهد جبال الأوراس وقائعها الكاملة وفيها القصص البطولية لشعب الجزائر وتضحياته.
نحن اذن امام تجارب حرب عصابات صنعت نصرا، وعليه سوف يكون مستقبل التجارب المماثلة مستقبلا ان ارادت تغيير معادلات الحروب .. وعلى هذا الأساس يطرح حزب الله في ادبياته مفهوم القاعدة الذهبية التي تقول بالجيش والشعب والمقاومة .. وهو المعنى الرمزي لحقيقة وجوده المبني على هذه النظرية التي هي الطريقة غير المباشرة للجيش الشعبي اللبناني، ومن المؤسف ان ثمة لم يكتشف بعد المعنى العميق لهذه النظرية لكون طليعتها حزب الله.