[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
كانت أخبار الحرب وتطوراتها، تصل مبتسرة وغير متكاملة للعراقيين، ما عدا الذين يمتلكون أجهزة الاستقبال الفضائي، وكانت أعدادها حسب إحصائيات غير رسمية لا تتجاوز النصف مليون في مختلف أنحاء العراق، تأخذ بغداد حصة الأسد وفيها ما يقرب من مائتي ألف جهاز استقبال، وازدادت الطلبات على تلك الأجهزة مع تسارع الأحداث، وقرب بداية الحرب، ولم تتمكن الصحف العراقية من تغطية وقائع الحرب اليومية، إذ أن صفحاتها محدودة وعدم وجود مراسلين لها في مناطق العراق المختلفة، التي أصبحت غالبيتها عبارة عن جبهة ساخنة، ولم تكن هناك إمكانية لإيصال الصحف إلى مناطق العراق، كما إن البث التلفزيوني، كان متقطعاً بسبب قصف محطات الإرسال والتقوية، لذلك لجأ عامة العراقيين إلى الإذاعات الأجنبية، وكان في مقدمتها إذاعة الـ BBC، التي حرصت على تقديم صورة الحرب بتفاصيلها من خلال شبكة مراسليها في العواصم إضافة إلى مدينة بغداد.
وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف، لم يتمكن من عقد مؤتمراته الصحافية في قصر المؤتمرات، بسبب القصف الجوي الأميركي العنيف، وبعد انقضاء الأسبوع الأول من الحرب، يوم الأربعاء المصادف (26/3/2003)، وصل الوزير العراقي، إلى مكان ضيق داخل البناية الملحقة بالمركز الصحفي التابع لوزارة الإعلام في منطقة الصالحية، قرب الإذاعة والتلفزيون الرسمية، ورغم إن هذا المكان قصده أكبر حشد صحفي في ذلك الوقت، إلا أنه لم يكن مهيئاً لاستيعاب جميع الصحافيين، الذين وصلوا من مختلف أرجاء العالم، لتغطية وقائع الحرب من جبهة بغداد تحديداً.
تزاحم الإعلاميون على مقربة من المنصة الصغيرة، التي أعدت على عجل، تحلقوا حول وزير الإعلام العراقي ، الذي يرتدي بزته العسكرية، ويحرص على رسم ابتسامة على وجهه وهو يلقي التحية على الصحافيين، الذين ينتظرون أية معلومة أو موقف، لتتناقله وكالاتهم، ورغم انتهاء الأسبوع الأول من الحرب، إلا إن وسائل الإعلام، لم تمسك بمعلومات هامة من المسؤول العراقي، في ذلك اليوم، رغم أن بعضهم تذكر ما قاله وزير الدفاع الأميركي، قبل بداية الحرب، عندما أكد إن الحرب على العراق، قد تستمر لستة ايام أو ستة أسابيع. وفي هذا المؤتمر الصحفي، لم يأت الصحاف بموقف جديد يتناسب وانتهاء الأسبوع الأول من الحرب، وظهرت بيانات ذات طابع تعبوي، ولم تبرز الجوانب العسكرية، وبما يتناسب وحجم المواجهة، فقد أكد الصحاف على مسألة هامشية، إذ جاء في تصريحاته: أننا نرحب بكل ابن بار من أبناء العراق للمساهمة في شرف الدفاع عن الوطن. وكان ناطق عراقي مخول، قد أعلن، أن البريطانيين والأميركيين يجمعون المدنيين في بعض المناطق التي يمرون بها ليعتبروهم أسرى حرب (صحيفة الجمهورية العدد 11102 بتأريخ 27/3/2003). ومن الواضح أن البيان العراقي لم يذكر كلمة غزو أو احتلال في بيانه المشار اليه. وفي تأكيد واضح على مقاومة عراقية شرسة ضد القوات الأميركية أبرزت صحيفة (القادسية) في ذات اليوم (27/3/2003) العناوين التالية: تدمير دبابات ومدرعات وآليات العدو وإسقاط طائرة مقاتلة في الفرات الأوسط، وتدمير دبابتين من نوع (ابرامز) وأبطال الناصرية يدمرون رتلاً من (12) دبابة، وأبطال ديالى يسقطون طائرة مسيرة والعدو يعترف بشراسة قتال أبناء الشطرة والنجف. وأبرزت صحيفة (العراق) في ذات اليوم ضمن عناوين الصفحة الأولى، إن الأميركيين يواجهون مقاومة شرسة في البصرة والناصرية. أما صحيفة (الثورة) الناطقة بلسان حزب البعث الحاكم، فذهبت إلى الساحة الدولية، ونشرت تصريحاً لوزير الخارجية الفرنسي دومنيك دوفيلبان، قال فيه، إن أميركا لا تملك تنصيب نفسها شرطياً للعالم.
لكن في ضوء جميع هذه العناوين والأخبار والتحليلات فأن المعلومات، التي تؤكد على استمرار عملية تقدم القوات الأميركية، قد فرضت نفسها على الصحف العراقية، التي تخضع بقوة لسيطرة الحكومة، فقد نشرت صحيفة (الثورة) (بتأريخ 27/3/2003) خبراً قصيراً قالت فيه، إن قافلة إمدادات للمارينز تتعرض للهجوم، ونقلت القصة الخبرية عن مراسل وكالة رويترز (ماثيو جرين)، ولا شك إن نشر هذا الخبر، قد جاء ليؤكد حقيقة تقدم القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية، من جهة الجنوب باتجاه العاصمة بغداد.