[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لا تشغلوا بالكم يا عرب، بعدما رأيتم المشهد الفلسطيني البارحة، وكيف قدم شهداءه وجرحاه، وكيف لم يتراجع عن حسابات الموت الذي تخافونه.
لا تشغلوا بالكم فالقصة ما زالت في اولها، ثم لا تخافوا من النهايات التي سوف تنقلب عليكم، لان الصراع طويل وله ازمانه البعيدة.
تقول الاغنية الفلسطينية موجهة للمقاتلين " واحدة لغة البارود، واحدة واسال الرصاص، واحد دم الثوار، واحد واسال التراب" .. حوار بين الرصاصة والتراب وبين الدم، هكذا كان المشهد امس وقبله وسيكون بعده. انها تغريدة شعب، حلم اجيال سيتحقق، نبض عروبة تتسامى.
المشهد بالالوان لمن لا يرى من بعض العرب المصابين بعمى الالوان، ستة عشر شهيدا والفا واربعمائة جريح .. رقم يتمنى هذا البعض لو ان الجميع قتلته الرصاصات المصوبة بدقة الى جيل تخافه اسرائيل ويخافه هذا البعض .. جيل لم يحسب له حساب الاسرائيلي فاذا به يفوز بالشهادة خيارا، ربما فلسطين في الجنة ايضا، ويا لها من مفارقة.
لا تشغلوا بالكم يا عرب، فليس يطلب الفلسطيني منكم تضحية او مشاركة، لم يفعلها، جئتم اليه ذات ثورة ثم تركتموه وحيدا كعادتكم. حاجته الوحيدة منكم او تكفوا يدكم عنه، وان تتركوه يفعل تاريخه كما يراه ويحلم به ويعشقه .. هي فلسطينه وانتم لن تفهموا ما معنى ان تكون له فلسطينه الخاصة التي ترتبط شرايينه بجذورها ، ومن حلمه ان يسقيها دائما كي تبقى الجذور يانعة الى الابد.
هكذا تعود فلسطين الى الفلسطيني الذي يئس منه الاسرائيلي لكثرة رواحه ومجيئه على قاعدة الحركة بركة. بل يئست منه بنادق الاسرائيلي وهو يواجهها فتخافه .. ثم هو لا ينحني الا لخالقه، فكيف لا يواجه عدوا سرق منه الدار والارض وسلبه هواء فلسطين وسحر جبالها ووديانها وانهارها وشمسها الذهبية، وحتى غبارها ابان الربيع الفلسطيني الذي تشتهيه حتى الارض التي تنتجه.
منذ زمان وزمان والفلسطيني وحده على علم بوحدته التي مارسها طويلا منذ ان نطق هرتزل باول عبارة صهيونية وتبناها بلفور بعده، ثم كان الملف التآمري بيد البريطاني الذي قدم الوطن الفلسطيني على طبق للصهيوني وتنامى معه الى ان حقق هذا الاخير غاياته. منذ تلك الاوقات الملحة والعرب لايريدون ولا يحسنون، حتى باتت فلسطين نجمة ضائعة وهي سيف الامة وترسها.
لم يتقن العرب سوى البكاء .. ورحم الله عبد الناصر حين سمى الاشياء بحقائقها وسماكم .. عاش فلسطينيا ومات فلسطينيا في الخامس من يونيو 1967 ودفن بعد ثلاث سنوات فلسطينيا ايضا.
بالأمس فار الدم الفلسطيني كعادته في يوم الارض، مما اخاف الاسرائيلي والبعض الجالس في قلبه.. في كل مرة يظن فيها الاسرائيلي ان بنادقه مهابة، يكتشف كذبة تكرارها امام جيل قرر ان ينسى النسيان، وان يذكر اجداده وآباءه بانه لن ينسى كم ظن الذين لم يفهموا تركيبة هذا الشعب ومن اين يستقي قوته، ولماذا يكتب محمود درويش ذات مرة ما شهدت له " علمتني ضربة الجلاد ان امشي على جرحي ثم امشي واقاوم".
لا تشغلوا بالكم يا عرب، فيمينا بعد اليوم لن ابكي كما صرخت الشاعرة فدوى طوقان .. منذ زمن بعيد تحجرت الدموع في مآقي الفلسطينيين، صارت رصاصات ناطقة .. صارت اغنيات تقول " مابنتحول ياوطني المحتل " وان الشوق اليك رصاصة.