[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
”لقد استولت إسرائيل على 92% من أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 و78% من مساحة فلسطين التاريخية بموجب قوانين للسلب والنهب, سنّتها الكنيست الصهيوني. لم تكتف الدولة الصهيونية بهذا الرقم, بل أصبحت تصادر بشكل دوري المزيد من الأراضي الفلسطينية مرّة بحجة لزومها للأمن والجيش الصهيوني, وتارةً لأهميتها لبناء المستوطنات والمستعمرات الجديدة للقادمين الجدد إلى إسرائيل ولمحاولة تهويد الجليل. ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من شاهد المسيرات الفلسطينية يوم الجمعة الماضي (30 مارس 2018), يوم الأرض, في كلّ أنحاء فلسطين وفي الدول المحاذية لها, يذهل من عظمة الشعب الفلسطيني البطل, وإصراره على حق العودة إلى وطنه وأرضه, هذا الحق, الذي أقرته الشرعية الدولية في قرارها رقم 194, بالمقابل ينذهل من مدى الفاشية الصهيونية في قمع المسيرات السلمية, وإطلاق النار عليها, مما أدّى إلى استشهاد حوالي 19 , وإصابة ما ينوف عن الألف وأربعمائة شخص ,من بينهم من ذوي الإصابات البالغة. هذه هي وحشية الكيان الصهيوني, الذي أعدّ جيشه عدّته منذ أيام خوفا وتحسبا من نتائج هذه المسيرات. إسرائيل فهمت الرسالة بإصرار الفلسطينيين على نيل حقوقهم كاملة غير منقوصة. أيضا عرف العالم, وحليفة إسرائيل الكبرى, أميركا أن قرار نقل السفارة الأميركية في الكيان إلى القدس, هو قرار مرفوض من الشعب الفلسطيني وأمتنا, وأن الفلسطيني لن ينسى حقه في فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر, ومن رأس الناقورة حتى رفح.
قالت جولدة مائير ذات يوم "الكبار يموتون, والصغار ينسون". كانت غالبية مسيرات يوم الأرض من الشباب الذين ولدوا بعد النكبة وهجّر أهاليهم في وطنهم وإلى الخارج. الفلسطيني حتى لوكان حفيداً لحفيد المهجّر, لن ينسى قريته وبلدته وأرضه ومدينته. للعلم كانت إسرائيل مربكة قبل موعد يوم الأرض بأسبوع, زادتهإ المسيرات إرباكاً, وخاصة بعد نشر إحصائية "الإدارة المدنية" التي أعلنت فيها تساوي عدد اليهود والعرب في كل أنحاء فلسطين المحتلة, ووقعت نتائج الإحصائية على رؤوسهم مثل الصاعقة. الإسرائيليون أغبياء , فلم يدرسوا صلابة معدن شعبنا قبل انتقائهم لفلسطين وطناً لهم, من هذه النقطة ترتفع الأصوات التي تتزايد عددا يوما بعد يوم متوقعة إزالة دولتهم, ولذلك تزداد وتائر الهجرة العكسية من إسرائيل , ومنهم نتنياهو, الذي حاول في خطاب له, أن تحاول إسرائيل وتعمل من أجل مرور الذكرى المئوية لإقامتها. في صميم كل صهيوني بذور شك في بقاء إسرائيل كدولة, من خلال المسيرات الأخيرة في يوم الأرض سيتعزز هذا الشك لديه.
يوم الارض الفلسطينية هو ذكرى خالدة في تاريخ الشعب الفلسطيني, انه عنوان التصاق هذا الشعب بأرضه الطيبة وبوطنه المحتل من قبل العدو الغاشم. يوم الأرض, يوم تنادى الفلسطينيون في منطقة 48 في عام 1976 إلى تنظيم مظاهرات حاشدة في كل المدن والقرى الفلسطينية, احتجاجاً على مصادرة السلطات الصهيونية لـ(31) ألف دونم من أراضي الجليل في عرّابة, وسخنين, ودير حنا, وغيرها. قامت المظاهرات الفلسطينية وجاء الجيش والدبابات الإسرائيلية وحرس الحدود, لقمع هذه التظاهرات بالقوة وبالرصاص الحي, الأمر الذي أدّى إلى استشهاد 6 من أبناء شعبنا وجرح المئات. لم تكتف سلطات الاحتلال بذلك, بل فرضت حظرا للتجول في قرى الجليل والمثلث, وذلك في اليوم التالي, وقامت بحملة اعتقالات واسعة بين الفلسطينيين في منطقة 48 , طالت المئات.
لقد أصبح هذا اليوم منذ تلك الحادثة, يوما للمحافظة على الأرض الفلسطينية من التهويد, ورمزا لوحدة الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات, فجماهير شعبنا وفي كل أماكن تواجدها, جعلت من هذا اليوم مناسبةً من أهم مناسبات التاريخ الفلسطيني, تعلن فيه تمسكها بكل الأرض والوطن الفلسطيني، مناسبة تؤكد فيها التزامها بتحرير فلسطين وأن إسرائيل الغازية إلى زوال, مناسبة تؤكد فيها على حق العودة لكل اللاجئين من منطقة 48, الذين أجبرتهم الدولة الوليدة والعصابات الصهيونية آنذاك, على الخروج من أراضيهم عبر ترحليهم, وقامت باقتراف المذابح والمجازر الجماعية لإرهاب أهل فلسطين واجبارهم على الرحيل, وذلك في مخطط مدروس لهدم ما يزيد على 500 قرية فلسطينية فيما بعد, مُسحت بعد تدميرها في محاولة واضحة لتزييف تاريخ الأرض كي يتلائم مع الأضاليل والأساطير الصهيونية.
لقد استولت إسرائيل على 92% من أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 و78% من مساحة فلسطين التاريخية بموجب قوانين للسلب والنهب, سنّتها الكنيست الصهيوني. لم تكتف الدولة الصهيونية بهذا الرقم, بل أصبحت تصادر بشكل دوري المزيد من الأراضي الفلسطينية مرّة بحجة لزومها للأمن والجيش الصهيوني, وتارةً لأهميتها لبناء المستوطنات والمستعمرات الجديدة للقادمين الجدد إلى إسرائيل ولمحاولة تهويد الجليل. في عام 1976 تنادى أبناء وطننا المحتلة أرضهم في عام 1948 ومن خلال مؤتمر عقدوه في الناصرة، وكان من أبرز قراراته, تنظيم احتجاجات بأشكال مختلفة في 30 مارس 1976 احتجاجا على مصادرة أراضيهم, وكان ما كان!. وفي عام 1967 احتلت كامل الارض الفلسطينية, واستمرت في مصادرة معظم أراضي الضفة الغربية.
في يوم الأرض كل التحية لأبناء شعبنا الفلسطيني في منطقة 48 وفي الضفة الغربية وغزة وحيثما يتواجد والنصر لشعبنا ووطننا الفلسطيني الذي هو جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الواحد والموحد من المحيط الى الخليج.