أثبت التعاطي الإيجابي من قبل القطاع الخاص مع البرنامج الوطني لتوفير 25 ألف فرصة عمل لأبنائنا الباحثين عن عمل، إدراك القطاع لما سيوفره هذا التوجه الحكومي، فتشغيل القوى العاملة الوطنية سينعكس إيجابًا على تحريك السوق على القطاعات كافة، فهذه الوظائف ستزيد بما لا يدع مجالًا للشك من القوى الشرائية في السوق المحلية، ما سيؤثر إيجابيًّا على حركة البيع والشراء، ويشكل في الوقت ذاته عامل جذب مهمًّا للاستثمارات التي بدورها ستفتح آفاقًا جديدة للحركة التجارية بالسوق المحلي، وستتسع الرأسمالية الوطنية أمام معطيات جديدة، وتفتح أمامها مجالات استثمارية في قطاعات جديدة تدعم التنوع الاقتصادي الذي سيصب في مصلحة الجميع.
ويأتي هذا العائد الاقتصادي للقطاع الخاص ليتوافق مع التأثير الإيجابي لهذا التوجه الوطني على الصعيد الاقتصادي الكلي، ليتواكب مع مردود اجتماعي يحمي المجتمع العماني من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات التي تتفاقم بها أزمات الباحثين عن عمل، مشكلات تتعلق بالجانب الأمني والاجتماعي، فالدراسات الحديثة تؤكد أن زيادة عدد الباحثين عن عمل يؤثر على البنية الأساسية للمجتمع، ويظهر تأثيرات اجتماعية سيئة تؤثر على حالة الأمن والسلام الاجتماعي، وهو ما سينعكس بالتأكيد على الحالة الاقتصادية وحركة تدفق الاستثمار. باختصار، إن تعاطي القطاع الخاص مع البرنامج الوطني يأتي في المقام الأول لحماية مصالحه، وحماية المجتمع والاقتصاد الوطني مما تخلقه من عوارض تأتي جراء زيادة الباحثين عن عمل.
إن الأخطار الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة تزايد الباحثين عن عمل تثبت وضوح الرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وما جاء من عمل حكومي ليعبِّر عن تنفيذ التوجيهات السامية، ويترجمها في صورة خطوات تنفيذية، استطاعت في فترة قصيرة تحقيق مردود إيجابي، واستطاعت توفير قرابة العشرين ألف فرصة عمل حتى الـ29 من مارس المنصرم، وذلك مع التأكيد على الانتهاء من تعيين 25 ألف باحث عن عمل من شبابنا وكوادرنا الوطنية في مؤسسات القطاع الخاص قبل الـ30 من مايو المقبل، وهي أرقام تؤكد صدق السعي الحكومي، وإدراك كافة أطراف المعادلة على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، وحتى السياسية التي ستجنيها البلاد جراء الالتزام الصادق بتوجيهات جلالة السلطان المعظم ـ أبقاه الله ـ والعمل الدؤوب على استمرار هذه السياسة الحكيمة التي تصب في خير البلاد والعباد، وتساعد على ديمومة عطاءات النهضة المباركة.
إن أهم النقاط الإيجابية التي ابرزها البرنامج الوطني لتوفير 25 ألف فرصة عمل، هي التأكيد على قدرة الكادر العماني على تبوؤ كافة الأعمال الإدارية والفنية، فبحسب الإحصاءات الرسمية فقد تصدرت قطاعات الإنشاءات والتشييد وتجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية أعلى نسبة تعيين، حيث بلغت نسبة الباحثين عن عمل الذين تم تعيينهم في قطاع الإنشاءات والتشييد (32.8%) من النسبة الكلية، بينما بلغت نسبة الباحثين في قطاع تجارة الجملة والتجزئة (14.3%) من نسبة الباحثين الذين تم تعيينهم، في حين بلغت نسبة الباحثين الذين تم تعيينهم في قطاع الصناعات التحويلية (13.4%) باحث، وهي أرقام تشير لكفاءة القوى العاملة الوطنية إذا أحسن تدريبها.
كما شكل إيقاف مجموعة من المهن للأيدي العاملة الوافدة والتي تتناسب مع مؤهلات الكثير من الباحثين فرصة لتوفير المزيد من فرص العمل للكوادر الوطنية، وعلى القطاع الخاص أن يكون مستعدًّا لتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية ومساعدتهم على شغل كافة المهن في التخصصات، ما سيزيد بالتأكيد من فرص العمل الموفرة جراء هذه الخطوات الحكومية السليمة، التي تستهدف العمل وفق منظومة تحرص على مصالح كافة الأطراف الفاعلة في الاقتصاد الوطني.