[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. وفقا للتقارير الإعلامية فإن الولايات المتحدة أسست 7 قواعد في سوريا الأولى في "مطار رميلان" شرق القامشلي والثانية في قرية "المبروكة" غرب مدينة القامشلي فيما تقع القاعدة الثالثة بالقرب من معمل اسمنت "لافارج" والتي تتموضع بالقرب من قرية "خراب عشق" غرب مدينة عين عيسى التي تضم أيضا القاعدة الرابعة والتي تعد من كبرى قواعد الجيش الاميركي شمال سوريا.”
ــــــــــــــــــ

بتبرير تجاري بحت أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتزامه سحب القوات الأميركية من سوريا في وقت قريب جدا مع تجميد أموال قالت واشنطن سابقا إنها خصصتها لإعادة إعمار سوريا في تصريحات صادمة إن تم تنفيذها فإنها تفتح الباب أمام سيناريوهات عديدة تؤثر على التوازن الهش بين الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية.
فقد أعلن الرئيس دونالد ترامب في خطاب ألقاه امام عمال صناعيين في اوهايو ان القوات الاميركية ستنسحب من سوريا "قريبا جدا"، وعبر عن اسفه لما اعتبره تبديد واشنطن سبعة تريليونات دولار في حروب الشرق الأوسط.
ولم يكن الانسحاب العسكري هو فقط ما أعلن عنه ترامب إذ جاء هذا الإعلان عشية مع ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أن الرئيس الأميركي أمر بتجميد أكثر من 200 مليون دولار مخصصة لإعادة إعمار سوريا.
وقالت الصحيفة إن ترامب أمر وزارة الخارجية بتجميد هذه الأموال بعدما علم من مقال صحفي قرأه أن الولايات المتحدة تعهدت دفع اموال للمساهمة في اعادة اعمار سوريا.
ويستوجب تنفيذ ترامب لإعلانه انسحاب قواته من سوريا التوصل إلى تسوية مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) التي ربما لها راي آخر حيث إن (البنتاجون) كان قد أكد بالتزامن مع الكشف عن تواجد عسكري أميركي في سوريا أن هذا التواجد سيكون لوقت طويل.
وإذا كان لا يوجد إعلان رسمي عن طبيعة عمل القوات الأميركية المتواجدة في سوريا باستثناء التصريحات التي تفيد أن عددهم نحو ألفي عسكري أميركي يقدمون استشارات لمسلحين يتلقون الدعم من الولايات المتحدة إلا أن العديد من التقارير أشارت إلى وجود قواعد أميركية في مناطق متعددة.
فوفقا للتقارير الإعلامية فإن الولايات المتحدة أسست 7 قواعد في سوريا الاولى في "مطار رميلان" شرق القامشلي والثانية في قرية "المبروكة" في غرب مدينة القامشلي فيما تقع القاعدة الثالثة بالقرب من معمل اسمنت "لافارج" والتي تتموضع بالقرب من قرية "خراب عشق" غرب مدينة عين عيسى التي تضم أيضا القاعدة الرابعة والتي تعد من كبرى قواعد الجيش الاميركي شمال سوريا.
أما القاعدة الخامسة فهي بمدينة عين العرب والسادسة في منطقة "تل بيدر" شمال محافظة الحسكة والقامشلي والسابعة في مدينة تل ابيض حيث تعد أيضا من أكبر القواعد الاميركية في الشمال السوري.
ويشير توزيع هذه القواعد وما تم انشاؤه فيها من مهابط للمروحيات إلى أنه تم إنشاؤها لتبقى لأمد طويل ما يعني أن تنفيذ الرئيس الأميركي لقراره يعد تغيرا دراماتيكيا في التعاطي الأميركي مع الأزمة السورية خاصة وان ترامب قال في معرض تصريحه "سنخرج من سوريا في وقت قريب جدا. فلندع الآخرين يتولون الاهتمام بها الآن". واذا كان ترامب لم يحدد من يقصد بـ "الآخرين" الذين يمكن ان يتولوا امر سوريا بدلا عن أميركا .. فإن هذه الكلمة (الآخرين) لها اثر كبير على طبيعة التوازن بين أطراف الأزمة السورية.
فإذا كان هناك تفاهمات بين كل من روسيا وإيران ومعهم تركيا يتم التأكيد عليها في الاجتماعات المتوالية بين هذه الأطراف والتي كان آخر تجلياتها غض الطرف عن العمليات العسكرية التركية التي تخطت عفرين فإن هذه التفاهمات تظل معرضة للانهيار لحظة تضارب المصالح الأمر الذي يجعل هذه الأطراف الثلاثة تترقب من هم الآخرون الذين تحدث عنهم ترامب وإلى أي ضلع من المثلث سيكونون أقرب.
فإذا كان الطرف الثالث الذي سيرث الوجود الأميركي هو القوات التي سلحتها أميركا تحت مسمى قوات سوريا الديمقراطية التي يغلب عليها العنصر الكردي فإن هذا التوريث سيزيد التوتر بين واشنطن وأنقرة كما أنه سيشجع تركيا لمد عملياتها في مناطق أخرى بالشمال السوري فيما سيكون من غير المعلوم إن كانت الأطراف الأخرى ستقبل بمثل هذا التوسع مثلما من غير المعلوم أيضا كيف سيكون الموقف لو تدخلت دولة رابعة لترث التواجد الأميركي خاصة في ظل الحرب الكلامية في اليومين الأخيرين بين فرنسا وتركيا بشأن اتهام الأخيرة باريس بالسعي نحو التدخل بشمال سوريا.

هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]