[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
فيما تشهد مختلف القطاعات الاقتصادية بالسلطنة تناميا سريعا في وتيرة الاستثمار الداخلي والأجنبي مستفيدة في ذلك من التسهيلات التي توفرها الدولة للمستثمرين من الداخل والخارج، فإن هناك الكثير من القطاعات يعتبرها الاقتصاديون مجالات جاذبة وكامنة بالنجاحات التجارية لارتفاع الطلب على مخرجاتها، ومن أبرزها قطاعات السلع الاستهلاكية ومياه الشرب المعبأة بمختلف المقاسات كونها من المتطلبات اليومية التي يزداد الطلب عليها بازدياد معدلات النمو السكاني بالبلاد.
فالمتابع لقطاع السلع الاستهلاكية خصوصا سلعة مياه الشرب المعبأة سواء كانت مياه معدنية أو مياه شرب طبيعية عادية، يجد أن السوق العمانية تتوفر فيها عبوات لشركات متنوعة بينها ما هو منتج في عمان كمنتج عماني، وما هو مستورد من خارج السلطنة، مستفيدا من حرية السوق وانسيابية تدفق السلع التجارية بأسواق السلطنة.
ولكن، وعلى الرغم من نجاح المنتج العماني من المياه المعبأة في خلق مكانته في السوق المحلية لما يتميز به من ارتفاع في معايير الجودة وإدراك لطبيعة المستهلك المحلي ورغباته وتطلعاته، إلا أن ما حظيت به العلامات المستوردة من المياه المعبأة من مكانة لها في السوق المحلية بسبب جودتها أيضا، فقد اعتبر الاقتصاديون ذلك الحضور القوي لتلك المنتجات بمختلف مصادرها مؤشرا إلى قابلية استيعاب السوق العمانية للمزيد من الاستثمارات المحلية في مجال إنتاج وتعبئة وتسويق مياه الشرب المعبأة خصوصا بواسطة الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال وغيرهم من رجال الأعمال المقتدرين.
وما يشجع على التوسع في الاستثمار في هذا الجانب هو تعدد مصادر المياه بالسلطنة، وذلك على الرغم من وقوع السلطنة في حزام البلدان الجافة التي تعاني عجزا في مخزونها الجوفي من المياه، إلا أن تعدد المصادر المائية بالبلاد وزيادة الطلب اليومي على المياه كحاجة أساسية من الحاجات الضرورية اليومية، يؤكد على وجود آفاق واسعة للاستثمار الداخلي في مجال إنتاج وتعبئة وتسويق مياه الشرب المعبأة.
ووفق بيانات البلديات الإقليمية وموارد المياه بأن الموارد المائية بالسلطنة تتكون من نوعين رئيسيين هما الموارد المائية التقليدية التي تشمل المياه السطحية والجوفية والعيون المائية والسدود والأفلاج، حيث تمثل حوالي (87%) من موارد المياه، بالإضافة إلى الموارد المائية غير التقليدية التي تشمل مياه التحلية ومياه الصرف الصحي المعالجة وتمثل حوالي (13 %).
وفيما تؤكد بيانات الهيئة العامة للكهرباء والمياه بأن "البحر" هو المصدر الأساسي لحوالي 85% من المياه التي تتم تحليتها عبر محطات التحلية بالسلطنة، وحيث تعتبر التحلية ضمن المصادر غير التقليدية، فإن اتساع نشاط التحلية بالبلاد الذي ازداد بزيادة عدد محطات التحلية في السنوات الأخيرة، وتعدد العيون والينابيع، ووفرة تكنولوجيا التعبئة والتنقية التي توفرها فرص نقل التكنولوجية ومعقولية أسعارها جميعها عوامل اقتصادية تزيد من جاذبية الاستثمار في هذا المجال، خصوصا وأن الطلب على مياه الشرب في عمان يتوقع ارتفاعه بشكل أكبر في السنوات المقبلة.
وحسب الإصدار العاشر لبيان الشركة العمانية لشراء الطاقة (2016-2022)، فإن إجمالي الطلب على المياه في عام 2018 يبلغ مائتين وثمانية وثمانين مليون متر مكعب، بينما يتوقع أن يصل إلى ثلاثمائة وثمانية وثلاثين مليون متر مكعب بحلول عام 2022. وبهذه التقديرات المتوقعة لارتفاع مستوى الطلب على المياه، فإنه يمكن اعتبار السوق العمانية مجالا أكثر خصوبة لاستيعاب المزيد من الاستثمارات في مجال المياه، خصوصا مجال إنتاج وتعبئة المياه بمختلف المقاسات والتي تشهد إقبالا وطلبا كبيرا على استهلاكها.
لذلك فإن الفرصة سانحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورجال الأعمال ومشروعات الشباب للتوسع في هذا المجال الذي تؤكد كافة التوقعات الاقتصادية نجاحه في وقت تنتشر فيه الينابيع والعيون الطبيعية المتدفقة من الصخور الجيرية وصخور الأفيولايت في أنحاء عديدة بالبلاد جنبا إلى جنب المصادر المتنوعة لمياه التحلية العالية الجودة، فضلا عن أن زيادة الإنتاج المحلي لهذه السلعة الحيوية ستشكل إضافة نوعية للمنتجات العمانية، كما ستعزز سياسة الأمن الغذائي الداخلي باعتبار المياه سلعة حيوية لها بعدها الاستراتيجي في كل الأزمان.