[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
”خامسا, لقد أيدت وكالات الأمم المتحدة في غزة (بما فيها الأونروا) هذه المسيرات, عندما أعلمتْ بها, كون القضية التي أجريت من أجلها, صدر فيها قرار دولي, وهي حق مشروع للفلسطينيين, ولأنها مسيرات سلمية أيضا. سادسا, المسيرات شكلت رسائل أرسلت في اتجاهاة عديدة: إلى إسرائيل, فقد أفهمتها صلابة الفلسطينيين وإصرارهم على حق العودة إلى وطنهم (وأن الصغار لا ينسون بعد موت الكبار – مثلما توقعت غولدة مائير), وأن الصراع عائد إلى مربعه الأول.”

يا شهداءنا الذي جئتم من رحم أرضنا الولادة فلسطين والذاهبون إليها عن طيب خاطر, تضحيةً وفداءً لحبات ترابها .. يا من تحملون مشاعل الحرية لتقاتلوا بأجسادكم الطاهرة في خط الدفاع الأول عن الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج, وعن الإنسانية في مختلف أنحاء العالم, تقاتلون عدوا تأخذ الفاشية من إجرامه دروسا في أساليب وطرق القتل.. عندما اغتالتكم رصاصات الجبن والغدر, لم تكونوا تحملون أسلحةً تقاومون بها, سوى إيمانكم وحق شعبكم في العودة والحرية إلى أرضه! إلى فلسطين التي تلفظ أعداءها, وتنتظر ساعة الخلاص من نجاستهم ورجسهم, وقد عاثوا فسادا فيها! يقتلعون زيتونها وأزهارها وأشجار برتقالها, ونرجسها... إنهم يكرهون حتى العطر والعبق الفلسطيني الجميل, فهذه كلها تذكرهم بنتانتهم وهم لا يتقنون سوى العيش في ظلماتها وثنايا حقدهم الأسود... قتلوا ويقتلون جيادنا! من رعبهم يخافون ,بل يخشون حتى تكاثر عددنا ,لأن ولادة كل فلسطيني, تعني تلاشيا لهم, وتفنيدا لأساطيرهم التضليلية, وتذكيرا جديدا بغربتهم عن أرضنا وهوائنا وبحرنا وسمائنا وقمحنا وبيادرنا, وبحق أبناء شعبنا المنتصر حتما, ولكل منكم أقول:
يا ابن شعبي... لا تلنْ.. لا.. لن... تحتضرْ.. جسدُ الأئمة مثلُنا.. فلتسمو بحبك .....وابتكرْ..إنا الرعاة ,, إنا..الأباةُ...والسماوات الشريدةُ والطريدة...فاقتصرْ.. روح المقاومة العنيفة ..فاحتكر ...إنا نصلي في محرابَ.. آلهةٍ.. فلسطينيةٍ.... لا تكل... ولا تمل.. فانتظر! واحمل حقائق شعبنا..في صحوكَ الأبدي.. أيها المجبولُ.. فينا.. فاختصر.. وليكن الخلودُ..صغيرَ أغنيةٍ.. أمام حقائقِ...عشقنا.. إلى وطنٍ سليبٍ...ولسوف حتماً ...تنتصرْ.
كانت تلك, أقلّ الكلمات حرارة , من التي يستحقها شعبنا وبخاصة شهداؤنا من فلسطينيٍ في الشتات,أبعدته سلطات الاحتلال صغيرا عن وطنه وحرمته من العودة, حتى بزيارة لها, وكل الذي يتمناه في هذه الحياة, أن يستنشق عبيرَ أرضه ولو للحظة, ثم يموت ويدفنُ في ترابها. هو بذلك يعكس حلم كل فلسطيني يعيش في الشتات. نعم, ظهرت أصوات من بعض الإخوة الوطنيين الفلسطينيين, تستنكر تحشيد جماهير شعبنا (ودفعهم دفعا) – وهم لم يدفعوا ولم يُزج بأحد منهم في مسيرة لا يريد السير والمشاركة فيها - إلى خطوط التماس مع العدو الصهيوني في يوم الأرض الأخير, ليكون صيدا سهلاً للقنص والقتل من العدو الصهيوني!, فاستشهد 16 فلسطينيا وأصيب ما ينوف عن 1500 فلسطيني, بعضهم بإصابات بالغة.. بالتأكيد, فإن هؤلاء الإخوة ينطلقون من الحرص الكبير على حياة كل فلسطيني, عددوا أسبابهم, التي نحترمها, ولكننا نختلف معها ,للأسباب التالية:
إن طبيعة عدونا (منذ ما قبل إنشاء دولة الكيان, وعلى أيدي العصابات الإرهابية الصهيونية, وفيما بعد إنشائها وحتى الآن) هي العدوان, ولم يحتج يوما إلى مبرر لاقتراف المذابح والتطهير العرقي, وحملات الإبادة الجماعية ضد أبناء شعبنا, كما ممارسة الاغتيال والاعتقال, والاستيطان وومصادرة الأراضي, وخلع الأشجار, وممارسة الإرهاب بكافة أشكاله ضد شعبنا وأمتنا. ثم لمن لا يعرف, فإن لدى اليهود عادة تقديم القرابين البشرية في عيد الفصح اليهودي, وشهداؤنا اعتبرتهم إسرائيل قرابين هذا العيد, الذي صادف مع ذكرى يوم الأرض, ولعل كاتب هذه السطور, متأكد ,من أن الجرحى الفلسطينيون الذين "تعالجهم" إسرائيل, كما جثث الفلسطينيين التي تحتجزها, تكون في البداية قد صفت دماءها, لتعجن الفطائر اليهودية ,التي يأكلها الحاخامات بهذه الدماء!ثانيا, نتساءل: هل لو لم تكن المسيرة, لما قتلت إسرائيل من الفلسطينيين أحدا خلال هذه الأيام؟ هل يمر أسبوع دون أن تقتل من شعبا أحدا؟ ثالثا, لا تنسوْا أن هذا العام هو عام الذكرى السيعين للنكبة, ويوم الأرض فيها يتوجب أن يكون مميزا, وبالفعل جاء مميزا لهذا العام. رابعا, لو مر يوم الأرض لهذا العام دون الذهاب إلى خطوط التماس ,لما عرف العالم بقضية حق عودة الفلسطينيين ,وقرار الأمم المتحدة رقم 194 الصادر بشأنه, ولما ولما أدرك حقيقة هذه الفاشية الإسرائيلية, التي تقتل عزلاً دون سلاح, فالفصائل الفلسطينية التي شاركت فيها ,حرصت على أن تكون سلمية.
خامسا, لقد أيدت وكالات الأمم المتحدة في غزة (بما فيها الأونروا) هذه المسيرات, عندما أعلمتْ بها, كون القضية التي أجريت من أجلها, صدر فيها قرار دولي, وهي حق مشروع للفلسطينيين , ولأنها مسيرات سلمية أيضا.سادسا, المسيرات شكلت رسائل أرسلت في اتجاهاة عديدة: إلى إسرائيل, فقد أفهمتها صلابة الفلسطينيين وإصرارهم على حق العودة إلى وطنهم ( وأن الصغار لا ينسون بعد موت الكبار – مثلما توقعت غولدة مائير), وأن الصراع عائد إلى مربعه الأول. رسالة في الاتجاه الأميركي, بأن القرار حول القدس والاعتراف بها عاصمة للدولة الصهيونية, كما نقل السفارة الأميركية إليها, لا يعترف به الفلسطينيون, وكأنه بالنسبة إليهم لم يكن. رسالة في اتجاه البعض العربي, الذي يحاول إقناع الفلسطينيين بقبول "صفقة القرن" الأميركية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية, وتأكيد شعبنا على أنها لن تمر. كما أنها رسالة تجاه كل المطبعين من البعض العربي, بأنكم مهما طبعتم مع العدو الصهيوني, فلن يفل ذلك من عزم وتصميم الشعب الفلسطيني على تحرير أرضه كاملة غير منقوصة وعلى نيل كافة حقوقه من براثن العدو الصهيوني. ألم تروْا أيها الإخوة, ردود الفعل الصهيونية على قتل الفلسطينيين في يوم الأرض وإصابة 1500 منهم بإصابات وجراح بالغة. لقد أصدر كل من السفاحينْ نتنياهو وليبرمان, بيانا هنأ فيه الجيش الصهيوني على إنجازه في منح اليهود احتفالا هادئا بعيد الفصح. في الحقيقة نشرت صورة لهما متشابكيْ الأيدي وهما يشربان نخب "الانتصار" على مسيرات عزلاء, للحقيقة, كانا يشربان نخب القرابين من الفلسطينيين التي قُدّمت لـ "يهوه" في عيد الفصح! .
للعلم, أثرت المذبحة الصهيونية للفلسطينيين على بعض الكتاب اليهود (من ذوي الضمائر), فكتب جدعون ليفي في "هآرتس" (الأول من نيسان/ أبريل الحالي 2018) مقالةً يدين فيها المجزرة, وعنونها بـ "جيش الذبح الإسرائيلي".أما في الثاني من ذات الشهر الحالي, فقد علق عاموس هارئيل, معنونا مقالته بـ "القتلى الكثيرون في غزة سيحافظون على نيران المواجهة",أما درور يهيني , وفي "يديعوت أحرونوت" فقد عنون مقالته متسائلاً " كيف انتصرنا في معركة أخرى وخسرنا الحرب؟" بدورهما. فقد طالب كل من مردخاي كريمنتسير "هآرتس" , ود. رويتل عميران "معاريف" بتشكيل "لجنة تحقيق" في المجزرة.لكل ذلك.. لم تذهب دماء شهدائنا ولا تضحيات جرحانا, هدرا.