[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alibadwan.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]علي بدوان[/author]
”.. في تقدير مصادر رفيعة في "الجيش الإسرائيلي" أنَّ "المقاومة اللبنانية تسلحت بقدرات تسمح لها بمهاجمة منصات الغاز في ما أسمته المياه الاقتصادية لإسرائيل". وفي رأي مصدر رفيع المستوى في المؤسسة الأمنية لدولة الاحتلال "أنَّ تهديد المقاومة اللبنانية بمهاجمة منصات الغاز ليس مجرد كلام فقط". ”

قضية النفط والغاز، والحوض البحري الغني بهما، على الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، بين لبنان وفلسطين المحتلة، دفعا مصادر القرار في دولة الاحتلال للتسخين السياسي وحتى العسكري "الإسرائيلي" مع لبنان، فقد كتب رجل الأمن والاستخبارات في دولة الاحتلال جيورا أيلاند، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"22/2/2018، قائلا "إن السبب الرئيسي للصراع الحالي مع لبنان هو ليس الحدود البرية فقط ... فالقضية الرئيسية هي الحدود البحرية أيضا".
لبنان الرسمي، وعلى كل مستوياتهِ، التقط المواقف والسياسات "الإسرائيلية" من مسألة بناء الجدار مع لبنان عل الحدود مع فلسطين المحتلة، واقتطاع سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" مساحات من الأرض اللبنانية، ومن مسألة الحوض البحري الواعد بالغاز والنفط. ففي موقف لبنان الرسمي تعتبر عملية الدفاع عن حقوق لبنان في الغاز والنفط على شواطئه ومياهه الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط معركة أساسية ضد سياسات دولة الاحتلال "الإسرائيلي"، وقد أطلق لبنان ثلاث رسائل واضحة، الأولى: أنَّ مستقبل لبنان الاقتصادي يكمن في احتياطيات الغاز البحري. والثانية، أنه لن يُسمح لأحد بإحداث خلاف داخلي في لبنان حول هذا الأمر. والثالثة، أنَّ الجيش اللبناني ومعه المقاومة، يَملك القدرة في الدفاع عن مصالح لبنان الحيوية، بما في ذلك إمكانية استهداف المقاومة اللبنانية لمنصات الغاز "الإسرائيلية" حال وصلت الأمور لمحطات حرجة.
وفي تقدير مصادر رفيعة في "الجيش الإسرائيلي" أنَّ "المقاومة اللبنانية تسلحت بقدرات تسمح لها بمهاجمة منصات الغاز في ما أسمته المياه الاقتصادية لإسرائيل". وفي رأي مصدر رفيع المستوى في المؤسسة الأمنية لدولة الاحتلال "أنَّ تهديد المقاومة اللبنانية بمهاجمة منصات الغاز ليس مجرد كلام فقط". وبحسب قائد سلاح البحر، اللواء إيلي شربيط، فإن المقاومة اللبنانية اكتشفت الإمكانات الموجودة في المجال البحري وبنت لنفسها وبتشجيع من الدولة اللبنانية "منظومة هجومية استراتيجية".
وكان سلاح البحرية "الإسرائيلي" قد نشر في الفترة الأخيرة منظومة القبة الحديدية فوق سفن ساعر 5، التي تقوم بحماية منصات الغاز في البحر، وسوف تنضم أربع سفن جديدة من طراز ساعر 6 في 2019. وفي 7 من شباط/فبراير 2018، أفصحت مصادر "إسرائيلية" عن اتفاق مع ألمانيا لبناء سفن حربية سريعة مخصصة للبحرية "الإسرائيلية" من أجل ما أسمته "حماية منصات الغاز والمنشآت الاقتصادية في المياه الإسرائيلية". ويتوقع أن تبدأ سفن "ساعر 6" الحربية العمل بين أعوام 2020 و2022، وستزود بمهابط للطائرات المروحية وصواريخ متقدمة. وكتب موقع البحرية "الإسرائيلية" أنَّ "الأولوية هي حماية الأصول الاقتصادية الاستراتيجية في المياه الإسرائيلية.
ونقلت مجلة "Between the poles"، عن قائد سلاح البحرية "الإسرائيلي" قوله "إنَّ حزب الله صنع سفينة هي الأفضل في العالم وتحمل صواريخ كثيرة ومُؤمّنة من الغرق". وأضاف أنَّ "سلاح البحرية الإسرائيلي ثبت نظام القبة الحديدية على سفينة ساعر 5 التي تحمي منصات الغاز للاستجابة السريعة لتهديدات المقاومة اللبنانية، قبل أن تنضم لسلاح البحرية أربع سفن جديدة من نوع ساعر 6 في عام 2019، التي ستزود بنظام مُتقدم جدا لمواجهة الصواريخ وغيرها من القدرات للتعامل مع التهديدات الأخرى المحتملة للمنصات". أما قائد قاعدة سلاح البحرية في أسدود (يوفال أيلون) فقد قال في مقال نشرته المجلة ذاتها "إنَّ قدرات العناصر المعادية لاستهداف المصال الاستراتيجية لإسرائيل ليست مقتصرة على الصواريخ، لكن يُمكن لنا أن نفترض في المواجهات القادمة أننا سنواجه تهديدات (تحت الماء) بشكل كبير من قبل العناصر المعادية التي تسعى للإضرار بقوة إسرائيل".
وبحسب أيلون فإن "هناك مجموعة واسعة ومتعددة من الوسائل والقدرات التي تملكها الجهات المعادية، بدءا من السباحين الانتحاريين مرورا بتسيير القوارب المتفجرة، وصولا إلى الغواصين المتخصصين بالغوص في المياه العميقة لوضع المتفجرات واستخدام غواصات صغيرة وزرع ألغام وعبوات ناسفة من صنع محلي". وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، نقلا عن مسؤولين عسكريين في "الجيش الإسرائيلي" أنَّ "تهديدات المقاومة اللبنانية بضرب منصات الغاز لا تعدو مجرد تصريحات عابرة". ومؤكدين في الوقت نفسه "أن المقاومة اللبنانية عززت قدراتها الصاروخية بهدف ضرب منصات الغاز في الواقعة في المياه الإقليمية الإسرائيلية". كما نقلت "هآرتس" عن ضابط إسرائيلي، لم تذكر اسمه، قوله: "إننا لا نرى أن المقاومة اللبنانية ستفعل شيئا استثنائيا، فقط لمجرد استفزاز، في الطرف الآخر يفهمون أن أي ضربة لمنصات الغاز تعني إعلان حرب ثالثة مع لبنان".
وفي هذا الإطار تُشير مصادر "الجيش الإسرائيلي" إلى محاولة حركة حماس الفلسطينية، الحصول على قدرة لمهاجمة منصات الغاز. وقد تحدث ضابط مسؤول في جيش الاحتلال عن ذلك قائلا: "إن أحد أهداف حركة حماس في المواجهة المقبلة هو مهاجمة منصات الغاز وخلق حدث شديد التأثير في وعي الناس. إن المسافة التي تفصل بين قطاع غزة وبعض منصات الغاز هي 40 كيلومترا فقط، وهذه مسافة يستطيعون الوصول إليها". وأضاف أنَّ "الجيش الإسرائيلي" يستعد أيضا لمواجهة تهديد من نوع آخر هو عملية محدودة تنفذها عدة قوارب محملة بالمتفجرات ضد المنصات، أو غواصون يحاولون مهاجمتها. والضرر الذي يمكن أن تسببه مثل هذه العملية سيكون محدودا، والهدف منه دعائي بصورة خاصة، لكن على الرغم من ذلك، فإنها قد تؤدي إلى عرقلة استمرار العمل في المنصة التي تعرضت للهجوم".
وعليه، نحن الآن أمام معركة سياسية، بدأت تتصاعد سخونتها يوما بعد يوم، وربما تتحوّل إلى معركة عسكرية قادمة، وذلك في سياق الصراع المُستجد على الثروات النفطية والغازية الكامنة في أعماق المياه الإقليمية شرق البحر المتوسط على شواطئ لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة، فيما تحاول دولة الاحتلال "الإسرائيلي" الاستيلاء على المساحة الأكبر من ذلك الحوض الواعد، وخاصة ما يتبع منه للجانب اللبناني.