ارتكاب أكبر قدر ممكن من جرائم الحرب وإيقاع أكبر قدر ممكن من المذابح في الشعب الفلسطيني الأعزل لم يعد أحد أساليب مجرمي الإرهابيين الإسرائيليين في المزايدات السياسية والانتخابية فحسب، وإنما هو التزام ونهج متأصل ومتجذر في عمق السياسة التي أقيم عليها كيان الاحتلال الإسرائيلي عام 1948م.
لقد عودنا كيان الإرهاب الإسرائيلي أنه في كل عدوان إرهابي يشنه لابد أن تضع عصاباته بصمتها بارتكاب جرائم حرب ومذابح، فتاريخ هذا الكيان الإرهابي مليء بالمجازر والمذابح، حيث لا تزال صفحات هذا التاريخ تقطر دمًا جراء ما ارتكب من تلك المجازر والمذابح التي نسوق منها للمثال لا الحصر مذبحة كفر قاسم، وهي واحدة من أشهر المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية لإرغام الفلسطينيين على الهجرة وترك أراضيهم وممتلكاتهم، وتزامن هذه المذابح مع مساعٍ دبلوماسية بالتواطؤ مع أنصار قيام كيان الاحتلال الإسرائيلي في الغرب من ذوي المعزوفة النشاز "حق الدفاع عن النفس" لمواصلة حملات التهجير القسري للشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا، من أجل تحقيق الحلم التلمودي بإعلان قيام مستعمرة "إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات". ولا تختلف في الهدف ذاته مذابح دير ياسين وبحر البقر وجنين وصبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية ومجازر غزة.
ومن جديد مجازر كيان الإرهاب الإسرائيلي في ظل عدوانه الإرهابي الذي أطلق عليه "الجرف الصامد"، مجزرة حي الشجاعية التي راح ضحيتها نحو مئة شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء، حيث صب غلاة مجرمي الحرب الصهاينة حمم إرهابهم وحقدهم وكراهيتهم ووحشيتهم بحق أولئك الأبرياء بقصف عشوائي وأثناء محاولة فرارهم من نيران هذا الإرهاب المتعاظم شرره بفعل التواطؤ الدولي والتخاذل العربي وليصل مجددًا إلى استخدام الأسلحة المحرمة ضد المدنيين الفلسطينيين العزل كالفوسفور الحارق وغيره.
***وكعادته في كل مرة يرتكب فيها كيان الإرهاب الإسرائيلي مجزرة بحق المدنيين العزل يهرب إلى الأمام محاولًا تغطية جريمته النكراء والبشعة بتوزيع اتهامات هنا وأكاذيب هناك، حيث حاول المتطرف أفيجدور ليبرمان قلب معادلة الحق والباطل للتنصل من التبعات القانونية والشرعية على مجازر كيان الاحتلال المستمرة في قطاع غزة، حين أراد أن يصور كاذبًا لحلفاء كيانه الإرهابي بأن هناك المئات من القتلى "المدنيين" "الإسرائيليين" جراء صواريخ المقاومة الفلسطينية، داعيًا إلى اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وكأن القضية الفلسطينية شركة أو إقطاعية لهذا المناضل أوذاك.
أن ما يجب أن يضعه ليبرمان والذين معه من مجرمي الحرب وحلفاء كيانهم الاستراتيجيين، أن هناك على أرض فلسطين المحتلة مقاومة صنعها هذا الشعب وصنع قيادتها،وقد تعاقبت تنظيمات وقيادات وذهبت أو ذهب بعضها بعد أن أدت دورها النضالي، وما دام الشعب الفلسطيني أرضه محتلة ومغتصبة فمقاومته موجودة على أرضه باقية ومستمرة،لأن فلسطين حقيقة من حقائق التاريخ والجغرافيا، ومن سيزول هو اسرائيل لأنها حدث طارئ، ومعروف عن كل الشعوب التي وقعت تحت براثن الاحتلال والاستعمار أنها طورت أساليب نضالها ومقاومتها ولم تصمت وتنكفئ، بل واصلت نضالها وصمودها وطورت كل أشكال النضال حتى استعادت حقوقها، فالتاريخ العربي وحده يقص علينا بطولات الشعب الجزائري ومقاومته للاستعمار الفرنسي، وكذلك الشعب العراقي ومقاومته الاستعمار البريطاني ومن ثم الاحتلال الأنجلو ـ أميركي، والشعب الليبي والشعب السوري وهلم جرا، وبالتالي لا يصح ولا يجوز أن يختزل الشعب الفلسطيني ومقاومته في شخص واحد، أو حركة واحدة، فتاريخ النضال الفلسطيني أعطانا وأمدنا بأسماء قيادات خلدت ذكراها بما قدمته من تضحيات عظيمة، ولا يزال الشعب الفلسطيني يمد هذا التاريخ في كل مرحلة من مراحل النضال والمقاومة بأسماء لا تقل عن تلك التي رحلت من التضحيات.