أ.د. محمد الدعمي كاتب وباحث أكاديمي عراقي:
” إن التفاعلات السياسية الساخنة الجارية اليوم داخل واشنطن تضع "الديمقراطية الأميركية"، أي أنها تضع العمود الفقري للنظام الأميركي، على المحك: فالصراع قد أخذ يتبلور الآن في ظل التفاعلات الجارية عبر تحقيقات اللجنة الخاصة التي يقودها روبرت مولر Mueller (رئيس ذات المكتب الاستخباري سابقاً) في ملف التعاون مع موسكو لمساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة ضد منافسته كلينتون في انتخابات 2016، ”


ليس من قبيل المصادفة أن يطلق الرئيس دونالد ترامب ماكنة الحرب الأميركية المدمرة في ذات الساعة التي بثت بها فضائية ABC مقتطفات خطيرة من المقابلة التي أجراها مندوبها مع جيمس كومي Comey مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي طرده ترامب من منصبه فجأة قبل أشهر، إذ يتواشج الحدثان بمصير رئاسة ترامب على نحو حرفي ومباشر.
والحق، فان هذا ما جعلني متأكداً من أن سوريا ستتعرض الى عمل عسكري عدائي من العيار الثقيل تقوده الولايات المتحدة الأميركية، سوية مع حلفائها المعروفين، خاصة بريطانيا وفرنسا. لقد أماطت المقتطفات المقتضبة أعلاه اللثام عن جوانب خطيرة من شخصية وسلوكيات الرئيس ترامب، خاصة وأن كومي لم يتوان عن الإعلان بأن الرئيس ترامب قد طلب منه (في جلسات على موائد غداء وعشاء) إخفاء أو التحفظ على الملف الخاص بما حدث في موسكو عندما كان ترامب قد أدار مسابقة ملكة جمال الكون هناك، وهو الملف الذي يكشف بأنه (كما يدعي الملف) قد صُور فلمياً مع عدد من بائعات الهوى في غرفته الخاصة بالفندق الذي نزل فيه أثناء ليالي المسابقة أعلاه. كما يدعي كومي بأن الرئيس قد طلبه عدد من المرات قبل أن يستلم منصبه، وبعد ذلك، راجياً إياه بالتغطية على الملف أعلاه وإخفائه، نظراً لأنه قد يؤثر سلباً على علاقته بزوجته "ميلانيا". والحقيقة هي أن السيد كومي لم يدخر جهداً على سبيل الانتقام من الرئيس ترامب الذي سبق أن أحاله على التقاعد من وظيفته لعدم تعاونه معه في هذا المجال، دون سابق إنذار: والدليل أن كومي قد وظف ألفاظاً سلبية للغاية للنيل من شخصية رئيسة، ومنها أنه وصفه بــ"اللاأخلاقي" unethical، بينما أنه لم يتوانَ عن مقارنته برئيس "مافيا"، زد على ذلك نعته بمعادات الحقيقة والجفاء عنها.
هذه هي أهم الأسباب (كما أرى) التي ساعدت وعجّلت من اتخاذ قرارات من العيار الثقيل، كقرار شن حرب خارجية، ذلك أن أخبار حرب كهذه تساعد على التغطية على أنباء ما قاله كومي في مقابلته هذه التي ستعرض كاملة في الساعة العاشرة مساء من يوم الأحد القادم.
إن التفاعلات السياسية الساخنة الجارية اليوم داخل واشنطن تضع "الديمقراطية الأميركية"، أي أنها تضع العمود الفقري للنظام الأميركي، على المحك: فالصراع قد أخذ يتبلور الآن في ظل التفاعلات الجارية عبر تحقيقات اللجنة الخاصة التي يقودها روبرت مولر Mueller (رئيس ذات المكتب الاستخباري سابقاً) في ملف التعاون مع موسكو لمساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة ضد منافسته كلينتون في انتخابات 2016، إذ يشك بأن التدخل الروسي هو العامل الأساس الذي ساعد ترامب على الفوز بالبيت الأبيض. وهذا ما جعل الرئيس يتهم كلاً من كومي ومولر بإدارتهما لــ"مؤامرة"، أصلها من هيلاري كلينتون من أجل الإساءة إليه!