لا يمكن أن يوصف الهجوم الثلاثي الذي شنته كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على سوريا إلا بأنه هجوم خارج الشرعية الدولية الذي يكرر ما تم من قبل وأدى إلى تدمير دول وإسقاط حكوماتها ما يؤدي إلى إشاعة الفوضى بها كما هو حال من قبل في كل من العراق وليبيا.
فاللافت أن الهجوم المنسق على سوريا جاء خارقا للقانون الدولي، ومباشرة بُعيد خروج آخر إرهابي من مدينة دوما، واستباقًا لمهمة بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي من المخطط لها أن تبدأ عملها يوم أمس السبت، وقد وفرت الحكومة السورية جميع التسهيلات، وقامت بتأمين حركة أعضائها، كما أن الهجوم جاء بُعيد التأكيدات الروسية والسورية بعدم وجود أي دليل أو أثر لمادة كيماوية في مستشفى دوما، وكذلك عقب جلسة مجلس الأمن الدولي التي دعت إليها روسيا الاتحادية بعنوان الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وهذه الجلسة كانت كفيلة بإسقاط آخر ورقة توت حاولت أن تستر بها الدول الثلاث أهدافها الحقيقية أمام شعوبها تحديدًا وأمام العالم أجمع. فكل من تابع مناكفات ممثلي هذه الدول في مجلس الأمن أمس الأول وإصرارهم على خداع شعوبهم بمزاعم الأسلحة الكيماوية في مدينة دوما التي لم يصدر بشأنها تأكيد مستند على تحقيق شفاف .. لا يسعه إلا أن يستعيد المشاهد التي ساقها كولن باول وزير الخارجية الأميركي في إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن أثناء التمهيد للغزو الذي شنته الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق.
لذلك ما كان فجر أمس من هجوم على سوريا يؤكد ما قلناه في هذه الزاوية مرارًا وتكرارًا بأن كل الاستفزازات والمناورات السياسية والإعلامية والميدانية وأساليب التحريض والتشويه والتشويش على الدولة السورية وعلى جيشها العربي الباسل وعلى حلفائها لا يؤدي إلى حل الأزمة السورية بل يفاقمها عبر تمكين الإرهاب وتنظيماته وتشجيع من يريد الرهان على هذه التنظيمات في أن تقود الحرب بالوكالة على سوريا.
على أنه يجب الاعتراف بأن الدولة السورية (شعبًا وجيشًا وقيادةً) قد نجحت في سطر صفحة جديدة من الصمود والتماسك، حيث خرج الشعب السوري في مسيرات وطنية تؤكد التمسك بالثوابت الوطنية، والوقوف خلف الجيش والقيادة السوريين، وكذلك مضي الحياة خاصة في العاصمة دمشق على طبيعتها حتى بعد القصف الذي واجهه الجيش السوري بأداء بطولي ومميز، حيث تصدت الدفاعات الجوية السورية لمعظم الصواريخ والتي تجاوزت مئة صاروخ .. فحجم الخسائر لا تقارن بعدد الصواريخ التي كان بإمكانها أن تحدث دمارًا هائلًا لولا يقظة الجيش العربي السوري.