[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
إن زج وسائل الإعلام الأميركي بالتحضير للحرب، جاء ضمن مفردات الاستراتيجية الأميركية الكبرى، التي خطط لها المحافظون الجدد في الإدارة الأميركية، ورسموا جميع تفاصيلها بدقة متناهية، وعندما نعطي هذا التصور عن آلة الإعلام الأميركية، وكيف بدأت تعمل بطريقة قضم الحقائق، ومخاطبة الآخر بما تراه مناسبا، لما يخطط له الجنرالات، وقد يستغرق البعض من الذين تشبعوا ببهرجة الصورة الليبرالية للإعلام الأميركي، لكن الذين يتبحرون بتبعية المؤسسات الإعلامية الكبرى للشركات وارتباط ذلك بقوة بصناع السياسة الأميركية يضعون أصابعهم على بعض جوانب الحقيقة. ومن هذا الفهم، وفي هذه الأجواء، كانت تُرسم صورة الحرب الأميركية على العراق، إلى المتلقي الأميركي، وإلى مختلف أرجاء العالم. ومن الواضح، أن الذين قرعوا طبول الحرب، وأطلقوا شرارتها الأولى، لم يهتموا بالنصيحة العراقية القديمة، التي خاطبوا بها جلجامش، وقالوا فيها (لا تعتمد يا جلجامش على قوتك وحدها، تبصّر في أمرك، واحم نفسك).
لا شك أن الحرب لا تعرف القوانين، وإن التزمت ببعضها، فإن قادة الميدان يختارون ما يخدمهم، ومهما اختلفت الموازين العسكرية، فإن جميع قادة الحروب، يريدون تسويق ما يخدمهم في المعركة.
لهذا فإن القوات الأميركية، كانت تتحرك بدعم آلاف الخطباء المفوهين، مع هذا الكم الهائل من التكنولوجيا العسكرية المتطورة.
بهذا التصور لدى الجميع، كانت تترسخ صورة الحرب عند الكثير من الناس، في أرجاء متباعدة فوق المعمورة.
أما في العراق فقد ظلت الاستراتيجية العسكرية العراقية، غير واضحة، وإن صدرت تصريحات من مسؤولين عراقيين كبار، تشير إلى أن الحرب ستكون في بغداد، حتى جاء تصريح الفريق أول الركن سلطان هاشم أحمد وزير الدفاع، في يوم (28/3/2003) وقال فيه: إن القوات الأميركية أصبحت على بعد 140 كم من بغداد، ولن نٌفاجأ إذا حاصر العدو (يقصد القوات الأميركية) بغداد خلال مدة تتفاوت بين (5 - 10 أيام) وأكد في تلك التصريحات، خلال مؤتمر صحفي، أن بغداد ستبقى عصية على المعتدين ما دام سكانها أحياء.
هذه التصريحات أثارت عاصفة قوية من النقاشات بين العراقيين، وبينما عدها البعض دليل قوة، وأنها تمثل أحد أوجه التكتيك العراقي في مواجهة القوات الأميركية، فقد أخذتها غالبية العوائل العراقية على محمل الجد، ومنذ اليوم اللاحق، بدأت عملية نزوح من أحياء العاصمة العراقية باتجاه المدن القريبة منها، وبالأخص بعقوبة والمقدادية، والخالص ويثرب وبلد والضلوعية والدجيل والطارمية ومناطق الرمادي كافة إضافة إلى اليوسفية والمحمودية.
أما كوادر حزب البعث العراقي والتشكيلات الأخرى، التي لم يستهدف القصف الشديد مقراتها الكثيرة، المنتشرة في أنحاء العراق، والتي اتخذت من المدارس مقرات لها، إضافة إلى مقرات الحزب الخاصة بها، فقد كانت تراهن بقوة، على أن تصريح وزير الدفاع، كان خطأ غير مقصود، وتداول البعض إشاعات عن إقالة الوزير العراقي، وقال البعض: إن الرئيس صدام غضب عليه وأودعه السجن، بسبب ذلك الاعتراف بقرب وصول القوات الأميركية إلى مدينة بغداد، ولم ينفك الرافضون لما قاله وزير الدفاع من ترديد أسطورة أم قصر، وكيف أصبح اقتحامها مستحيلاً على القوات الأميركية والبريطانية، لهذا تمسك الغالبية من هؤلاء بتصورهم، الذي يقول إن دخول بغداد مستحيلاً.