[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لايمكن لأي سلاح عسكري أن يقضي على امة او شعب، في الوقت الذي يؤدي التشكيك بالتاريخ وبالقدرات وبالتراث الى اضاعة الأمة والشعب. اثر حرب يونيو 1967 والهزيمة الكبرى للعرب فيها، لم يكن الأثر كبيرا مثلما كان تأثير الكتب والمفاهيم التي بثت آنذاك ليس للتشكيك فقط بل لإحباط العقل العربي والقدرة العربية ، فمثلا أتخمت سوق الكتب بنوعيات لافتة تحمل عناوين مثل " المنتمي واللامنتمي" والشك "، كما ان الصحف أبرزت قصيدة نزار قباني الشهيرة التي قال فيها " نحن جيل القيء والزهري والسعال .. الخ " . إضافة إلى جملة أخبار تم رميها في سوق التداول بين الناس مؤداها تحقير المجتمع والناس ، وأن المرأة الإسرائيلية تقاتل إلى جانب الاسرائيلي وتقود طائرة حربية فيما المرأة العربية ليس لها دور ، وان الاهمية في المجتمعات العربية ليس للأرض بل لحماية العرض، وإن الإنتاج خلال شهر رمضان يصبح أقل بكثير من كل الشهور، وأن الأمية العربية تتجاوز الحد الأدنى في المجتمعات الغربية التي تخلصت نهائيا منها، إضافة إلى الإتكالية .. وهكذا.
ثم إن الهجوم تركز على الشعارات السياسية التي رفعت في أكثر من مناسبة، اضافة الى اعتبار الاحزاب العربية مسؤولة عما أصاب العرب، إضافة إلى نوعية الثقافة التي انغرست في العقل العربي ، بل التشكيك أن العقل العربي مصاب بأزمة ضمور ... كان صعبا اعادة الثقة للذات العربية في تلك الأوقات التي توقف فيها العقل عن ممارسة دوره في إنتاج البديل، والإسرائيلي أيضا ينتظر استسلام عبد الناصر الذي حمله المسؤولية عن الهزيمة ..
استشعر العرب الخطر على الأجيال الصاعدة، ولولا صعود المقاومة الفلسطينية وإعادة طرح الثقة بالعربي ، لكان من المؤكد تحقيق النتيجة المتوخاة من تلك المؤامرات الدنيئة.
اليوم تخاض معارك مصيرية وخصوصا في سورية والعراق وليبيا واليمن ، وفي بقية العالم العربي انشداد لهذا الوضع الضاغط وتأثير غير مباشر عليه .. لكن الشيء الواضح والاساسي ، ان الجيوش تخوض معاركها ، وايضا هنالك احزاب من كل شكل ولون الى جانبها ، في الوقت الذي تنتظم فيها الحياة مثلا في سورية ، حيث الرياضة بكل تفاصيلها في احسن حال ، والفن في جميع مجالاته لم تتوقف قطاره الأخضر ، والثقافة مازالت متشعبة الاداء وفي كل المجالات ، والعمل بلا توقف بل على ازدياد ، وروح المثابرة في اوجها ، والاطفال يذهبون الى مدارسهم كي يكونوا ركيزة المستقبل الذي تتكل عليه سورية في عملية إعادة البناء التي ستأخذ وقتا طويلا ..
مازلنا بخير، طالما ان المجتمعات العربية تؤدي أدوارها على كل الصعد حيث لم تستطع الحروب والمؤامرات ان توقف الحياة او تسد رزق الناس ومطالب عيشهم، وسيأتي اليوم الذي تفتح فيه اوراق هذا الزمن لتعلن الحقيقة من ان الاحزاب العربية ادت ادوارا بطولية، حتى الآن عدد قتلى حزب الله اللبناني اكثر من ثلاثة آلاف، فيما يتجاوز عدد قتلى حزب البعث في سورية اكثر من ذلك بكثير.
رغم مرارة الواقع العربي، وحاجة المواطن العربي الى الترميم، ورغم الهجوم النفسي على اقطارنا وخصوصا سورية والعراق، فان عقل الواقعية لم يزل منغرسا في التربة وفي حبات الماء وفي العرق الذي مازال يتصبب من الجبين.