[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
استمعت مرة إلى المغني الكردي الشهير شيفان وهو يناجي نهر الفرات بكل حنان الكلمات وصفائها .. في تلك الأوقات التي مرت عليها سنوات طويلة، كانت سوريا بخير، وكان أهلوها ينعمون بعاطفة رئيس وبسلم لامثيل له، ومنهم الأكراد، الذين من المؤسف أنهم ارتموا في حضن الأميركي، وكنا حذرناهم مرارا أن يتنبهوا إلى أن الأميركي لاصداقة معه ولا عداوة، وليس معروفا متى يبقى ومتى يترك المكان على عجل كعادته حين يشعر بخطر ما، وخصوصا بعد تجربته في العراق.
الآن استحقها الكردي أمام إصرار الرئيس ترامب على الانسحاب خلال الأشهر القادمة من المناطق الكردية أي من كل نواحي الفرات، وسيبقى أن على الكردي أن يستعجل إعادة ترتيب أوضاعه مع الدولة السورية، فالجيش العربي السوري مصر على عدم ترك متر واحد من الأراضي السورية نهبا لأي أحد مهما كانت قوته أو مهما كان وضعه.
إحدى الصحف الغربية كتبت مقالا عن منطقة الأكراد تلك تقول فيه إنه مكان بات للإيجار أو البيع، إذ أن هنالك طلبا أميركيا على مايبدو من بعض العرب بإملاء الفراغ مكان انسحاب قواته، ويبدو أنه مقابل أموال معينة، وقد بات معروفا أنه مغرم بالمقايضة، وبتدفيع المال للآخرين وجنيه منهم.
فماالذي سيغنيه شيفان في المرحلة القادمة سوى أغنيات حزينة لواقع كردي لم يفهم منذ بداية التعامل مع الأميركي أن مستقبل هذه العلاقة مجهول، رغم أنه وضع بيد الأكراد أحدث الأسلحة الأميركية وتم تدريبهم على أعلى مستوى تدريب. فهل ينطبق على الأكراد المثل العربي المعروف من جرب المجرب كان عقله مخرب! ..
لاشك أن الجيش العربي السوري جاهز للصعود إلى المنطقة التي تنتظره بفارغ الصبر .. هو أنهى الأصعب في الغوطة الشرقية، لم يترك نفسا للمسلحين بكل انتماءاتهم، طردهم إلى حيث يتحول تجمعهم إلى موقع للتصادم فيما بينهم وهكذا يجري، وإن كان" جيش الإسلام " الذي خرج من دوما اختار مدينة جرابلس لمعرفته بأنه منبوذ في إدلب، بل ثمة عداوات من الجميع معه لأسباب عقائدية .. وهذا" الجيش" سيكون له دور في مكان ما بدأ الاتجاه إليه وهو اليمن إلى جانب قوات " التحالف " نظرا لميوله المعروفة ومموله المعروف أيضا.
لم يبق في خاصرة دمشق سوى أولئك المزروعين في مخيم اليرموك والذين ستحين ساعة إخراجهم منه .. وهؤلاء لايشكلون قوة ولاعددا مثلما كان الواقع في الغوطة، وعليه، فإن الحشود من قبل الجيش العربي السوري على المخيم بدأت، وظواهر الأمور أنها مجرد أيام قليلة ويتم إخراج المسلحين وإعادة الأهالي إليه .. علما أنه عند كتابة هذه السطور كان المسلحون في المخيم قد قصفوا العاصمة السورية مما يعني إشارة بدء المعركة التي لابد أنها على جهوزية تامة.
سيظل الجيش العربي السوري يكمل تاريخه الناصع في كتابة وطنياته الظافرة من مكان إلى مكان .. إنها المرحلة التي تعرى فيها المسلحون تماما من كل انتماء وطني، واندفعوا نحو تلبس الشياطين الذين هم ممولوهم ومخططوهم. العصر الذي كان فيه أولئك على اعتقاد بان سوريا ستدفع الثمن كالآخرين، فان سوريا ليست أبدا مثل أي آخر، إنها الوطن المتفرد في حقيقته ووجوده، هي العروبة التي تنشقنا منها هذا الانتماء ، ومنها نهلنا حقيقة وجودنا ..