[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
إذا كانت الفترة الماضية من الحرب على العراق، ابتداءً من العشرين من مارس، حتى الأول من أبريل، بمثابة التمهيد للمعركة الفاصلة، فإن المرحلة الأكثر خطورةً، بدأت في الثاني من أبريل، وبرزت في هذا اليوم عدة قضايا، للمرة الأولى، يتم الإعلان رسميًّا عن موضوع الجاسوسية على الأراضي العراقية، جاء ذلك من خلال مصدر أمني وجه الدعوة إلى المواطنين لتسليم الهواتف النقالة ومنع استخدامها (هذه الهواتف ليست خلوية، وإنما ترتبط بالشبكة الأرضية، وتأمن الاتصال لمسافات تتراوح بين 10-80 كم). وقال المصدر الأمني العراقي في بيان بثته وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ونشرته الصحف العراقية، إن هذه الهواتف تستخدم من قبل بعض عملاء المخابرات الأميركية والبريطانية لإرسال معلومات عن أهداف حيوية من داخل العراق.
كما أُعلن في بغداد عن أمر أصدره الرئيس صدام حسين يتم بموجبه تكريم كل مواطن عراقي يلقي القبض على جاسوس بمبلغ عشرة ملايين دينار (تعادل في ذلك الوقت حوالي أربعة آلاف دولار أميركي).
وسارع آلاف المواطنين إلى تسليم هواتفهم إلى وزارة النقل والمواصلات، التي تعرضت للنهب والحرق لاحقا، وكان المواطنون يخشون تعرضهم لأقسى العقوبات في حال احتفاظهم بتلك الأجهزة خلافًا للتعليمات التي صدرت، والبلاد تخوض حربًا شرسة ضد الأميركيين والبريطانيين.
وبدأ التركيز في البيانات العراقية، على قوات الحرس الجمهوري دون سواها، إذ ظهر قائد فرقة بغداد حرس جمهوري على شاشة التلفزيون، وكذب الادعاءات الأميركية، وقال إن الإدارة الأميركية تكذب بادعائها تدمير فرقته، وأكد أن فرقته تتمتع بجاهزية قتالية عالية وروح معنوية جهادية مرتفعة.
وأعلن الناطق العسكري العراقي أن الحرس الجمهوري مستعد للقاء الأعداء ليذيقهم مر الهزيمة، وقال إن مجمل تضحيات فرقة بغداد منذ اليوم الأول للمعركة حتى يوم 2/4/2003، لم يتجاوز (17) قتيلاً و(35) جريحًا.
وصدر بيان آخر للناطق العسكري قال: إن الحرس الجمهوري شن غارات عزوم أجبرت الأوغاد على التراجع مذعورين. وقال وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف في ذلك اليوم أيضًا (إن الغزاة يكذبون على الرأي العام، وإن القتال يجري خارج المدن).
إن المواجهة بين العراق والولايات المتحدة بدأت تتصاعد على الصعيدين الإعلامي والعسكري، فقد أخذت البيانات التي تصدر عن قيادة المنطقة الوسطى الموجودة في قاعدة (السيلية) بقطر، تتحدث عن خسائر تلحقها قواتها بقوات الحرس الجمهوري، وبالمقابل بدأ الخطاب الإعلامي العراقي، يحاول الرد على تلك البيانات من خلال أدواته المتمثلة بتصريحات لقادة عسكريين إضافة إلى بيانات الناطق العسكري، وما يعلنه وزير الإعلام.
يبدو أن القيادة العسكرية الأميركية أرادت أن يكون يوم الثاني من نيسان/أبريل يومًا فاصلاً، لدخول المرحلة اللاحقة، وهي الأخطر في الحرب، فجاء يوم (الخميس) الثالث من نيسان/أبريل، فكان ضجيج المدرعات ودوي القنابل يتحكم بموقف الميدان الحربي، وحتى ظهيرة ذلك اليوم، ومنذ أن أعلن وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم أحمد عن قرب وصول القوات الأميركية إلى بغداد، لم تكن العوائل البغدادية، قد عقدت العزم جميعها على مغادرة بغداد، وعلى الصعيد الإعلامي، فقد كانت التصريحات التي أعلنها الناطق العسكري لذلك اليوم عادية، وقال بيان القيادة العامة للقوات المسلحة (إن قوة من الحرس الجمهوري أرغمت العدو على التراجع من الاسكندرية (70 كم جنوبي بغداد) وكبدته خسائر جسيمة.