[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لو بقي الكاتب الصحفي اللبناني ميشال ابو جودة حيا فهل كان غير رأيه القديم بعد التطورات التي طرأت على المنطقة وعلى سوريا والعراق تحديدا.
في غمرة الحرب على لبنان منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، كانت جملة تقسيم لبنان تكاد تكون من يومياتها .. كان ثمة افراد بلباس قيادات عسكرية وسياسية، وفي ظنونهم انهم يملكون القدرة على التغيير، ولم يكونوا على علم بأنهم مجرد دمى متحركة بأيدي قوى خارجية، مثلما هي حال المسلحين في سوريا اليوم، وفي العراق ايضا وحتى في ليبيا .. ظن هؤلاء ان بإمكانهم تنفيذ مشروعهم ذاك بتقسيم لبنان الصغير المساحة، عبر طروحات متعددة، منها خصوصيات التربية بين اللبنانيين، ومنها خصوصيات الثقافة، ومنها ومنها، والكل كان يعلم ان لبوس الطائفية كان المحرك الاكبر، ووراءه دول صاحبة المخطط وفي الطليعة اسرائيل.
في تلك اليوميات اللبنانية الملتهبة، كتب الصحفي ابو جودة مقالا في زاويته اليومية مفندا مفهوم التقسيم معلنا رأيا مفاجئا للجميع، بأن لبنان لا يمكن تقسيمه، ذاهبا إلى ابعد من ذلك بقوله ان اول بلد عربي قد يصيبه التقسيم هو العراق، وبعدها قد تكر سبحته لتصيب اقطارا اخرى.
اليوم يظهر العراق بعد كل ما مر به من احداث مقلقة واضطرابات اصابت بنيته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والانسانية محافظا على وحدته، آمنا متخلصا من افكار التقسيم التي تابعته منذ ان احتله الاميركي .. وبهذه النقلة يمكن القول ان العراق يعيش بمأمن من ذاك الخطر، الا اذا كان ما نراه مجرد مشهد يخبئ وراءه احداثا اخرى قد تؤدي إلى ذلك.
في كل الاحوال، تحولت فكرة التقسيم إلى سوريا، صار هنالك من يكتب فيها، ومن ينظر حول مستقبل سوريا، ومنهم من يأملون، وثمة من يكتبون من باب الخوف على المصير فعلا. الفكرة متنقلة، كأنما هنالك مخطط واحد، هو العازف المستمر الذي يرمي نوتاته في اكثر من اتجاه كي يقدم لحنا منسجما يهز به قلوب السوريين والعراقيين وكل العرب الحريصين على وحدة بلادهم.
لا شك ان ما تتعرض له سوريا خطير منذ اول رصاصة اطلقها المسلحون .. لم تكن المؤامرة على سوريا جديدة أو طارئة، انها تراكم مؤامرات كانت تنتظر التوقيت الملائم الذي يفجر دفعة واحدة كل تلك التراكمات، ليس ليعبث بهذا القطر الصامد والمضحي، بل ليطرح من خلال احداثه تلك مشاريع صادمة، تكون سوريا طليعة تنفيذها على امل ان تنسحب على البقية العربية.
اللافت ان ليس اعداء سوريا من يطرحون مشروع تقسيمها، بل ثمة كلام صريح من قادة روس ايضا .. لكأنما هذا الحليف الحريص على وحدة سوريا حرص السوريين على بلدهم، يريد اظهار الخطط التآمرية على سوريا، من اجل ترتيب المضادات لها .. لا بد من ابراز مخططات من هذا النوع قبل ان تتحول إلى حقيقة .. ومثلما يتفوه الروس بالخطر، يعرف القادة السوريون تفاصيله وابعاده ومن وراءه، وهو جزء مما يخطط للمنطقة ككل.
فهل لو كان الصحفي ميشال ابو جودة حيا لوافق على قصة تقسيم سوريا بدل العراق، وان تلك المؤامرة تبدأ من هناك لتعم المنطقة ؟! ..ام انه يعرف استحالة هذا المخطط سوريا بعد كل ما اظهره السوريون من قدرات وامكانيات لا تسمح لفكرة من هذا النوع بالتسلل الى عالمها.