[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
خلال الأسبوع الثاني من الحرب، ارتبك الكثيرون، من محللين سياسيين وخبراء في الاستراتيجية، ولم يتمكنوا من رصد المسار الذي تسلكه الحرب، فقد كان العالم بأسره يراقب تطورات الحرب، ليس ساعة بساعة، بل دقيقة بعد دقيقة، وألقى تباطؤ القوات الأميركية بظلال قاتمة، على المسار الذي سبق أن تحدث عنه كبار قيادات الحرب الأميركيين، وعلى الجانب الآخر، أبرزت البيانات العسكرية العراقية أهمية الحرس الجمهوري، ولهذا فإن نوعًا من الضبابية والتشويش سادت جميع العواصم، التي أراد بعضها، أن يتسربل بالفرح، وهو يشاهد هذا التلكؤ أو التراجع في القوة الأميركية، ويشمل ذلك العواصم والشخصيات من أوروبا، التي لا ترغب برؤية أميركا وهي تقود العالم وتتفرد بمصير البشرية، وهناك عواصم وشخصيات سياسية، كانت ترى في الانتصار الأميركي، بداية الأخطار التي تهددها، خاصةً الدول التي أعلنت واشنطن أنها وضعتها في أول القائمة، التي سيشملها التغيير بالقوة، بعد اجتياح العراق. ووسط صخب الحرب المخيف، يمكن القول إن عدة أيام مرت في الأسبوع الثاني، أشبه بالسكون، بسبب الصورة التي تقدمت لوحة المعارك، والتي يبدو فيها الطرفان اقرب إلى التكافؤ، ولو بصورة نسبية، ولهذا ظهرت تصورات وقراءات معلنة ومخفية عن الجهة التي تسير فيها سفينة الحرب، ولهذا ابعد المعنيون ضجيج الانفجارات المتلاحقة جانبا، وتوغلوا في عالم أقرب إلى السكون، وبدأت تتبارى التخيلات والتصورات في ضوء المعطيات الآنية لما تشهده جبهات الحرب، وفعل ذلك السكون المتلاحق فعله في الدواخل، ودخل البعض في تلك الأجواء، التي وصفها الزعيم الهندي جواهر لال نهرو بقوله: السكون يقود إلى التأمل، ويثير شتى الانفعالات النفسية.
يمكن القول، إن العالم، كان يرقب ما ستؤول إليه الحرب، لأنها تعني الكثير لتكتلات سياسية وإقليمية ولدول وحكام، ويرتبط مصير الكثير من تلك الدول وهؤلاء الحكام، بالنتائج التي ستتمخض عنها الحرب، وهذا ما جعل حالة أقرب إلى الإحباط تعشش في قلوب البعض، بسبب تأخر الجيش الأميركي، عن إنجاز مهمته بأقصى سرعة، وعلى الجانب الآخر، كان ثمة أمل أخذ ينتعش في قلوب الذين ينتظرون حصول مفاجآت، أن لم توقف الزحف الأميركي، فعلى أقل تقدير تعرقل تلك القوة الهائلة، وتظهرها بشكل آخر، لا يتناسب والصورة، التي رسمتها الإدارة الأميركية لقدراتها الهائلة في حروب الألفية الثالثة. على أمل أن تضطر الإدارة الأميركية، إلى إعادة النظر بأجندتها الجديدة في العالم.
على الجانب السياسي، لم يكن الخطاب العراقي ضعيفًا، وأعلنت الحكومة العراقية في تلك الأثناء، إن أمام الأميركيين والبريطانيين، أما خيار الانسحاب، أو الاستسلام، أو أنهم سيدخلون محرقة حقيقية.
في هذه الساعات اتجهت بعض التحليلات، التي ترصد اللهجة العراقية، التي تزخر بالتحدي والقوة، إلى فهم ذلك من خلال، عدة احتمالات، يتمحور الأول منها، حول احتمال امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وربما اصبح على أهبة الاستعداد لاستخدامها ضد القوات الأميركية، وإذا ما استخدم أسلحة جرثومية أو كيميائية، مستهدفاً التجمعات الكبيرة للقوات الأميركية، وبوسائل وطرق مبتكرة، فإن كارثة حقيقية ستحل بالقوات الأميركية والبريطانية، أما الاحتمال الثاني، فقد ذهب إلى أن العراق سيبدأ بشن هجمات واسعة ضد القطعات الأميركية، مستعينًا بخمسة آلاف مقاتل عربي، وصلوا إلى بغداد، استنادًا إلى ما أعلنته المصادر العراقية، وفي حال اندفاع هؤلاء مع المجاميع العراقية الأخرى، والتي قد يستخدم الكثيرون منهم السيارات الملغومة أو الطائرات لمهاجمة حشود القوات الأميركية، فإن ذلك سيشل حركة الجيش الأميركي والبريطاني.
أما الجانب الأميركي، فقد رد على كل ذلك، على لسان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، عندما أعلن أن استسلام العراق دون شروط هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب.