اجتماع مجلس الوزراء الموقر الذي انعقد أمس برئاسة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ يأتي استهلالًا طيبًا للعام الميلادي الجديد، وفي أعقاب سلسلة من الخطوات على الصعيد المحلي توجت بإعلان الميزانية العامة للدولة، فقد حفل العام الماضي بسلسلة من النجاحات الواضحة على الصعيد المحلي خاصة فيما يتعلق باستكمال مراحل الخطط السابقة وإتمام البرامج والمشاريع التنموية والخدمية الهادفة إلى تنمية الوطن وتقديم أفضل التسهيلات للمواطنين، والحرص على تنويع مصادر الدخل وزيادة معدل النمو الاقتصادي السنوي من خلال استغلال فرص الاستثمار المتاحة في العديد من المجالات، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتقييم الخطة بشكل سنوي من جهة أخرى انطلاقًا من حرص جلالته ـ أعزه الله ـ على تحقيق النمو المستدام الذي تشهده البلاد، الأمر الذي أوجد أساسًا صلبًا لدعم الخطة الخمسية الثامنة وما تحمله من مشاريع تنموية تسهم في دعم المجالات الاجتماعية، معربًا جلالته ـ أيده الله ـ عن ارتياحه للجهود المبذولة.
لقد عودنا جلالته ـ أبقاه الله ـ على أن يسابق الزمن في استطلاع حجم الإنجازات والوقوف بنفسه على مراحل التنفيذ في المجالات المختلفة لعملية التنمية، وتكون النتيجة ـ كما اعتدنا عليها أيضًا ـ أن يخطو اقتصادنا الوطني خطوات ثابتة إلى الأمام، ويتضح هذا من خلال إسداء جلالته توجيهاته السديدة بأهمية الاستمرار في مراعاة البُعدين الاجتماعي والاقتصادي لدى الإعداد للخطط القادمة، وتنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار.
ولأن جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ يهتم أول ما يهتم بالمواطن تعليمًا وتدريبًا وتأهيلًا وحماية مكتسباته وتعزيز قدراته على مواجهة أعباء الحياة وتشجيعه على الاعتماد على الذات، كان لكلمة جلالته ـ أيده الله ـ في مستهل ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء الموقر ببيت البركة أمس الأثر الكبير في تحديد معالم العمل الوطني على كافة المستويات، حيث تسترشد الحكومة دائمًا بالتوجيهات السديدة لجلالته على نحو يساعد في مواجهة المتغيرات والظواهر المؤثرة في حياة المواطنين، حيث أكد جلالته على أهمية تهيئة فرص العمل للشباب وتعزيز مجالات التدريب والتأهيل لإعداد كفاءات تتحمل مسؤولية مواصلة مسيرة البناء والنماء في كافة المرافق، وخاصة العمل الحر من خلال مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أنشئ من أجلها صندوق الرفد بتوجيه سامٍ من لدن جلالته ـ أبقاه الله ـ ليضطلع شبابنا بمسؤولياتهم، وليحملوا أمانة هذا الوطن وأمانة تطويره وتقدمه ونمائه، وأهمية الاستفادة من الدعم والتسهيلات السخية التي تقدمها الحكومة تشجيعًا لهم على خوض غمار العمل الحر عبر إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة لهم ومشاريع تعود عليهم بالنفع والخير العميم، لا سيما وأن الحكومة من خلال الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تسهم بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع المقدمة من قبل الشباب.
وكعادة جلالته أن يكون للقضايا الإقليمية والدولية نصيب من اهتمامه انطلاقًا من إيمانه العميق بموثوقية الروابط بين السلطنة ومحيطها العربي والآسيوي والإفريقي والمتبدية من خلال سلسلة من الفعاليات بمشاركة عمانية ملموسة وبخاصة ما يتعلق منها بمسائل الاستقرار والأمن والسلام والتنمية، فهي قضايا تحتاج إلى التنسيق الإقليمي الوثيق، ولذلك استعرض جلالته خلال الاجتماع العلاقات الطيبة بين السلطنة والدول الشقيقة والصديقة، وأكد على الثوابت الأساسية لسياسة السلطنة الخارجية التي أكسبت بلادنا على الدوام كل تقدير واحترام، مشيرًا جلالته إلى أهمية اعتماد المعالجة الواقعية لكافة القضايا وصولًا إلى كل ما من شأنه تحقيق التفاهم والوئام لما له من أثر إيجابي على رخاء واستقرار الشعوب.
أما مسك ختام الاجتماع فكان كامنًا في التوجيهات الكريمة التي أسداها جلالته ـ أيده الله ـ لأصحاب السمو والمعالي أعضاء مجلس الوزراء بتكثيف الجهود المبذولة نحو تحقيق الأهداف المتوخاة للخطط المعتمدة. وها نحن نتدفأ بالأمل العريض في مستقبل مشرق بفعل هذه التوجيهات وما سبقها من مراسيم وأوامر والتي تعتبر خير نبراس لخطى العاملين على طريق النهضة العمانية الحديثة.