ـ سوريون لـ(الوطن) : لقد تلاشى قلقنا تجاه من ما يسمى مشروع (إسقاط دمشق)
ـ دأب مسلحو التنظيمات الإرهابية على استهداف الأحياء السكنية الآمنة والأسواق التجارية والمؤسسات الحكومية في دمشق

ـ عودة الأمان والصخب الليلي إلى شوارع وملاهي ومقاهي العاصمة
ـ تحسن الأوضاع الأمنية ينعكس إيجابيا على الوضع الاقتصادي العام

دمشق ـ الوطن :
مع طي ملف الإرهاب في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وعودتها إلى كنف الدولة السورية، عاد ازدحام الشوارع بالمارة والسيارات وصخب الأسواق التجارية إلى أوجه في العاصمة دمشق، بعدما شكلت التنظيمات الإرهابية في الغوطة طيلة ست سنوات قلقا للدمشقيين بسبب استهدافها المتواصل للأحياء السكنية. كما ولى إلى غير رجعة قلق الأهالي من ما يسمى مشروع "إسقاط دمشق"، ومعه آمال العديد من الدول التي راهنت على إحداث خرق ما في العاصمة.
القوات السورية وفي إطار خطة محكمة لتأمين العاصمة ومحيطها، أعلنت في الثامن من ابريل الجاري استعادة السيطرة على الغوطة الشرقية بالكامل من الإرهابيين، إثر عملية عسكرية كانت أطلقتها في 19 فبراير، أجبرت الإرهابيين على القبول باتفاقات تسوية أفضت إلى خروج غير الراغبين منهم وعائلاتهم بالتسوية إلى شمال سوريا ودخول الجيش السوري إلى المنطقة وعودة مؤسسات الدولة للعمل فيها.
تلاشي القلق
امرأة من حي "باب توما" الواقع في مدينة دمشق القديمة، وفي حديث مع "الوطن" أثناء تجولها في ساحة الحي الرئيسية التي بدت تعج بالمارة، توضح أن الوضع بالنسبة لعامة الأهالي يكاد لا يقارن بين ما هو عليه حاليا وبين ما كان قائما قبل طرد الإرهابيين من الغوطة، وتقول: "قلق كبير كنا نعيشه على مدار السنوات السابقة، حتى ونحن في منازلنا من سقوط القذائف، ووصل الأمر بنا إلى درجة توخي الحذر من الخروج إلى الشوارع والأسواق إلا للضرورة بسبب ذلك، أما الآن فكل ذلك الخوف تلاشى".
التنظيمات الإرهابية وعلى مدار سيطرتها على مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية منذ السنة الثانية للأحداث التي اندلعت في عدد من المحافظات والمدن السورية منتصف مارس 2011، دأب مسلحوها على استهداف الأحياء السكنية الآمنة في دمشق والأسواق التجارية والمؤسسات الحكومية والبنى التحتية والمؤسسات التعليمية ودور العبادة بالصواريخ والقذائف، ما أدى إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى من المدنيين وأضرار مادية في ممتلكات المواطنين والبنى التحتية.
اختناقات مرورية
ازدحام السيارات، والاختناقات المرورية، باتت سيدة الموقف في الشوارع الرئيسية بوسط العاصمة، وسط  ارتياح واضح يبدو على وجوه سائقي السيارات ومن فيها، وبالترافق مع ابتسامة عريضة يعبر أحد سائقي "سرافيس" النقل العامة لـ"الوطن" عن "ارتياح كبير" لأنه بات "يمارس عمله بشكل يومي" بعد عودة الأمان إلى العاصمة، ويقول: "كنا في الكثير من الأحيان عندما يكون الوضع متوترا لا نخرج إلى العمل خوفا من القذائف، فالكثير من السيارات ومنها "سرافيس" والسيارات الخاصة أصيبت بتلك القذائف في أثناء عملها" ما أدى إلى دمارها ومقتل وإصابة من فيها. الصخب الليلي عاد إلى أوجه أيضا إلى شوارع وملاهي ومقاهي العاصمة، التي بدت مكتظة بالرواد الذين أعاقت سيارتهم المركونة في الشوارع القريبة حركة المرور بسبب كثافة عددها وركنها على رتلين أو ثلاثة، بعد أن كانت الشوارع والأسواق والمقاهي شبه خالية من السيارات والمواطنين في ساعات المساء الأولى أثناء سيطرة الإرهابيين على الغوطة الشرقية، وذلك خوفا من سقوط القذائف.
انفراجة سياسية
الانفراجة في الشارع الدمشقي بعد سيطرة الجيش على الغوطة الشرقية، انسحبت أيضا على نظرة الدمشقيين للوضع السياسي، ذلك ان لسان حالهم بات يركز على ما سيؤل إلى الوضع، للناحية السياسية في سوريا. من أحاديث المهتمين بالشأن السياسي من رواد المقاهي يبدو التفاؤل واضحا، لأن السيطرة على الغوطة الشرقية التي كان داعمي الإرهابيين يعولون عليها لتحقيق مشروعهم بـ"إسقاط دمشق"،  "سقط" وسقطت معه "أحلام" العديد من الدول الداعمة للارهابيين "بإحداث خرق في العاصمة من خاصرتها الشرقية"، عدا عن "سحب أهم ورقة من التفاوض والتي كان يأمل قادة الإرهابيين  ومشغليهم الدوليين من ابتزاز الدولة السورية بها وضمان منطقة آمنة لهم مع سلاحهم في تلك البقعة، القريبة من العاصمة دمشق". وبناء على ذلك بحسب تعبير أحدهم "لا إمكانية بعد الآن للضغط على الدولة السورية سياسياً وعسكرياً، كما كان يجري إبان وجود الإرهابيين في الغوطة الشرقية".
تحسن اقتصادي
تحسن الأوضاع الأمنية في دمشق بعد استعادة الدولة السيطرة على الغوطة الشرقية، انعكس إيجابيا على الوضع الاقتصادي أيضا وحركة الأسواق مع تدفق كميات كبيرة من العملة الصعبة إلى سوق العاصمة، عبر عشرات آلاف الخارجين من الغوطة الشرقية، أدت إلى تحسن مفاجئ في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي. ومع بدء تدفق أهالي الغوطة الشرقية، بدأ سعر صرف الليرة السورية يتحسن، فتراجعت قيمة الدولار الواحد من نحو 465 ليرة قبل السيطرة عليها من قبل الجيش، إلى نحو 430 ليرة حاليا.
ومع تحسن سعر صرف الليرة نسبيا أمام الدولار الأميركي شهدت أسعار المواد الغذائية والخضار وغيرها، ... انخفاضا بسيطا الأمر الذي ترك ارتياحا لدى عامة المواطنين ويقول أحدهم لـ"الوطن" وهو يتسوق حاجياته من سوق باب سريجة الشهير وسط العاصمة: "الوضع الآن أفضل.. الأسعار أقل.. ولكنها ليس كما نريد". من جانبه، يؤكد صاحب أحد محال بيع المواد الغذائية لـ"الوطن"، أن  نسبة الإقبال تحسنت بشكل ملحوظ بعد تحسن سعر الليرة، ويوضح أن نسبة مبيعاته اليومية "ارتفعت بنسبة 25 بالمئة".
كان سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي قبل اندلاع الازمة في سوريا قبل نحو سبع أعوام ما يقارب 50 ليرة للدولار الواحد، لكنه ومع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها العديد الدول الغربية والإقليمية على دمشق تراجع تدريجيا إلى أن وصل الآن الى نحو 430 ليرة. ومع بدء الازمة شهدت أسعار المواد الغذائية والخضراوات ومختلف الحاجات المنزلية، ارتفاعاً خياليا وتضاعف بعضها إلى أكثر من عشر مرات وبعضها الى اكثر من 15 مرة، بسبب تراجع سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية. هذه الحالة أدت إلى تراجع الوضع المعيشي للغالبية الآسر السورية، ذلك أن  راتب الموظف من الدرجة الأولى لا يتجاوز 50 ألف ليرة (أقل من 100 دولار أميركي) على حين كان قبل الأزمة نحو 30 ألف ليرة ما يعادل 600 دولار أميركي.
ـ انتصارات الجيش
في الأسبوع الماضي، واحتفالاً بنصر الجيش السوري في الغوطة الشرقية، وتنديداً بالعدوان الثلاثي الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي على سوريا من جهة أخرى، امتلأت ساحة الأمويين وسط دمشق بالآلاف من المواطنين بتجمع جماهيري، في تعبير عن سعادتهم بعودة الأمن والأمان الى دمشق وإحباط  الجيش للعدوان الثلاثي.
وفي بلدة الرحيبة بريف دمشق رحب الأهالي باتفاق التسوية والعمل على إخراج ما تبقى من الإرهابيين وعائلاتهم منها باتجاه شمال سوريا، حيث أعلنت بلدتهم خالية من الإرهاب وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة فيها. واحتشد المئات من أهالي بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي على مدخل البلدة للتعبير عن وقوفهم إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب ودعمهم للتسويات وصولا إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق السورية. ورفع الأهالي المحتشدون الأعلام الوطنية وصور الرئيس السوري بشار الأسد وهتفوا بشعارات تمجد بطولات الجيش العربي السوري وتضحياته دفاعاً عن المواطنين والوطن وسيادته. وأكد الأهالي رفضهم الخروج مع الإرهابيين وإصرارهم على البقاء داخل البلدة والمساهمة مع قوى الأمن الداخلي في تعزيز الأمن والاستقرار بعد إخراج الإرهابيين بشكل كامل للبدء بإعادة إعمار ما خربته التنظيمات الإرهابية خلال الفترة الماضية. ولاتزال عملية إخراج الإرهابيين وعائلاتهم الرافضين للتسوية مستمرة من منطقة القلمون الشرقي تنفيذا للاتفاق القاضي بإخراجهم إلى شمال سوريا بعد تسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة ومستودعات ذخيرتهم.