فيصل بن سعيد العلوي:
بنحو 33 لوحة تشكيلية احتفت "مطارات عمان" بالإبداع التشكيلي العماني الأصيل في مشروع متفرد يبادر بتقديم إبداعات الفنان التشكيلي العماني في واجهة البلد .. هذه المبادرة الأصيلة في فكرتها والرائدة في تطبيقها كونها تحتفي بإبن البلد في المكان الأول الذي يحط به الزائر إلى عمان .. المكان الذي يعكس هويّة البلد ويقدم النماذج المتميزة من تلك الهويّة التي ترسخ الإنطباع المثالي لدى الزائر عن هويّة وثقافة هذا الوطن الكبير الضارب في القدم بحضارته العظيمة التي لا مراء فيها.
منذ المبادرة الأولى في الرحلة التجريبية لمطار مسقط الدولي الجديد (والذي تشرفت في ان اكون احد المدعويين) سعدت بالأعمال التشكيلية الصغيرة غير الثابتة لبعض الفنانين العمانيين في مسار خطوات هذا التجربة الأولى .. سعدت كثيرا ولكني علمت بعدها ان هذه اللوحات كانت مجرد استعارات مؤقتة ، تساءلت في نفسي لماذا لا يكون مشروع حقيقي بلوحات وصور فوتوغرافية من مبدعيين عمانيين تزّين ارجاء المطار .. رغم ان المطار القديم هو الآخر ركّز على الصور الضوئية واحتفى ببعض الأسماء في هذه التجربة ، ولكن المسؤولين في "مطارات عمان" كان لهم قصب السبق في تنفيذ مشروع اكبر من الفكرة التي كانت في مخيلتي ولم ابوح بها ، قدموا الفكرة بروعتها التي نشاهدها الآن ونفتخر بها .. اختاروا بعناية فائقة الفنانين العمانيين بالتعاون مع الجمعية العمانية للفنون التشكيلية واختاروا بعده الأعمال بمختلف المدارس الفنية والتي استطاعت كل لوحة بمدرستها وكل لوحة بموضوعها ان تكثّف النظر في مسار عماني خالص .. ينقل الهوية العمانية كما أشرنا ويؤكد على قدرة الفنان العماني على توظيف المدارس الفنية العالمية بصبغة عمانية خالصة ومتقنة، وفي الحقيقة ان الفن التشكيلي في السلطنة من الفنون المتطورة التي تنافس بها الكثر من المبدعين على المستوى الخارجي .. الفن الذي لا يعرف الحدود ، في ذاته العمانية تجاوز المحلية لأبعد الحدود سواء من الفنان او الفنانة ، من كبارهم كمرحلة عمرية او حتى الأصغر سنا .. فالتجربة التشكيلية العمانية متنوعة وحافلة تتنوع في مشاربها ولا تغفل عن القيمة في نتاجها ، ولا تحتفي الا بما يقدم التجربة إلى الأمام . . هكذا هو الإبداع العماني اما ان يكون مشرقا والا فأنه يتحفظ على ما دون ذلك.
وها انا في الرحلة الأولى الحقيقية لمطار مسقط الدولي في مبناه الجديد .. منذ اللحظة التي ادخل فيها المطار وتعلوه لوحات الفنان التشكيلي المبدع انور سونيا اشعر بالفخر بالتجربة التشكيلية العمانية بالريشة التي يتناغم فيها اللون بروح فكرة العمل ، لا يمكنك وانت في أروقة المطار بين الفضاء الفسيح المليء بالجمال الا ان تعرف صدا ان هذه اللوحة لأنور سونيا وتلك لمريم الزدجالية وتلك ليوسف النحوي وأخرى لعالية الفارسية وأخرى لسالم السلامي وغيرها لفهد المعمري .. هكذا وضع كل فنان بصمته في أسلوبه الذي آلت إليه تجربته ، المتتبع للفن التشكيلي العماني ـ دون شك ـ يدرك ذلك ، والشاهد للمرة الأولى سيحلّق بعيدا في تجارب متنوعة تتيح له التخيّل دون تشابه بين لوحة وأخرى... حتى ان تصل إلى محطتك الأخيرة تتواصل إبداعات الفنانين العمانيين لترافقك منذ لحظة الدخول حتى قبل الصعود إلى الطائرة.
شكرا لكل فرد في "مطارات عمان " على هذه الفكرة الرائدة والتطبيق المثالي .. شكرا لهم على مساندتي في انجاز هذا التطواف الذي نحاول ان نتواصل به عبر صفحاتنا في ملحق "أشرعة" الثقافي لنوضّح للمتابع فكرة المشروع وفكرة اللوحات ليس عبر وسيط يبجّل الداعمين .. انما عبر الفنان الذي يتحدث عن لوحته فقط.