[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كانت أحداث 11 سبتمر 2001 في الولايات المتحدة قد أحدثت استنتاجات وتحليلات ومعلومات .. أين سيرد الأميركي وكيف .. من هي الجهة التي سيطولها رده .. أسئلة كثيرة قيلت يومها ..
أحد الدبلوماسيين العرب بادرني فور لقائي به في مكتبه في ذلك الوقت، أن يا ويل منطقتنا بعد اليوم .. لن يسمح الأميركي كما قال بتكرار ماجرى له، سيخلق أشكالا من أجل نقل المعركة إلينا.
جاء الأميركي بكل قوته العسكرية واحتل العراق، لكن هذا لم يكن كافيا، فكان " داعش"، من لحم المنطقة ومن أعصابها تمت الولادة .. فهل ثمة عقل يفكر، سيقبل بتصفية " داعش " بشكل تام ويغلق ملفه الأمني والعسكري والوجودي والنفسي والاجتماعي ... !؟ .. وهل ولد هذا التنظيم وفي منطقتنا بالذات من أجل مرحلة ؟ ..
صحيح أن المدافع والطائرات والعمليات العسكرية ضده قد توقفت، لكن جميعنا وفي كل مكان عربي وغير عربي يعرف أن هذا التنظيم مازال تحت جلودنا، وفي بوادينا وفي أماكننا وفي قرانا ومدننا وفي صحارينا .. خرج من فوق الأرض إلى باطنها، ومن العلن إلى السر، وتلك مصيبتها زائدة .. من تراه يسهل القضاء عليه، لكن المتخفي يتحين الفرص لاعادة دوره، وخصوصا عندما يكون مثل " داعش " وتكوينه في غاية الانضباط ، ووراءه من يحميه ومن يخطط له من قوى ستعرف تحريكه متى شاءت ومتى رأت ان الظروف مناسبة.
خرج " داعش " من العراق من الباب لكنه لم يخرج ، ومن سوريا مازال في مساحة بحجم لبنان، وفي ليبيا يحتل الجزء الجنوبي منها، وفي مصر لم يزل على قوته في صحراء سيناء، وكذلك في تونس، وفي إفريقيا ( مالي ونيجيريا الظاهران ) بل في كل أوروبا وحتى في أميركا. تنظيم بهذه القوة والديناميكية لم يكن ليستمر لولا الحضن الدافيء الذي يجلس فيه، ولولا الدلال الذي يرأسه، ولولا الإمكانيات الهائلة التي تصرف عليه .. فمن هو القادر على مثل هذه الأمور سوى أنه له الإمكانيات الضخمة والقدرة الفائقة ويمتلك القدرات التي تتيح له تحريك ودعم وتخطيط وحماية .. أليس هو من قيل كثيرا أن طائراته المروحية هبطت كثيرا في المناطق التي كان فيها " داعش " أمام خسارة مؤكدة من أجل أن تحمي قياداته فتقوم بسحبهم فرادى وجماعات.
رغم هذا الصمت من أكثر من منبر كان فيه وجود " داعش " أساسيا، فان مسؤوليه يعرفون أن هذا التنظيم مازال يملك الحياة الكاملة بكل مطالبها، ومازال قائما في بؤر جهنمية مخفية، وأن لاأحد يمكنه الوقوف أمامه إذا ماقرر الانطلاق من جديد، لكنه الآن في حالة كمون، إعادة نظر بما وصل إليه وبالأسباب التي أوصلته إلى هذه الحالة .. ومثلما نفكر نحن بتلك التفاصيل ونكتب بها، فهو أيضا يتابع، وعندما نقول كلمة المتابعة، فثمة هنالك قوى ومسؤولون من كل الأجناس يقيمون ويسهرون على مصالحه ويعيدون فتح الطرق التي يشتغلون عليها.
" داعش " لم يمت إذن على الأقل فكرته مازالت حية .. ألم يطلق عليه من صنعه كلمة " الخلافة"، فكيف لها أن تتلاشى قبل أن تحقق أغراضها جميعا، ولو أنها حققت الغرض الأول من ظهورها بالتدمير والقتل والسحل والتعريف بالمنهجية التي لو تمكنت من تحقيقها لكان العرب قصة منسية من قصص شهرزاد الخرافية.