[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
حالة من الحداد تعيشها مصر على المستوى الرسمي حزنا على مقتل 22 ضابطا وجنديا في الهجوم الإرهابي الذي وقع السبت الماضي في واحة الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد، بينما على المستوى الشعبي لا يزال المصريون يواصلون طقوسهم الرمضانية من مشاهدة المسلسلات التليفزيونية والجلوس على المقاهي والكافتريات أو المشاركة في دورات كرة القدم الرمضانية .. بينما انتفضت أجهزة الدولة عقب الهجوم الإرهابي وعقد مجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي اجتماعا عاجلا تعهد خلاله بالقصاص والثأر لدماء شهداء مجزرة الوادي الجديد التي خلفت أكبر عدد من الضحايا فاق مجزرة رفح التي راح ضحيتها 16 جنديا مصريا!!
الإرهاب يحاصر مصر .. تلك هي الرسالة التي أراد منفذو العملية الإرهابية في الوادي الجديد توصيلها إلى السلطات المصرية حيث أصبحت كل الحدود المصرية مستهدفة من الشرق والغرب والشمال والجنوب .. فالإرهاب موجود في شمال سيناء وموجود على الحدود مع كل من ليبيا والسودان .. واللافت أن ما يسمى بالتنظيمات الجهادية أعادوا توزيع أدوارهم في إفريقيا حيث ظهر لاعب جديد هو الدولة الإسلامية الذي يعد حليفا قويا لتنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري، وهو التنظيم المتهم بتنفيذ مجزرة الوادي الجديد بعد أن عثر على علم القاعدة مرفوعا على إحدى سيارات منفذي الهجوم!!
لقد أعلنت قيادات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي و"المرابطين" وحركة التوحيد والجهاد وأنصار بيت المقدس وحدتهم وتشكيلهم لجماعة واحدة أطلقوا عليها "الدولة الإسلامية" لتكون نواة لما يسمى دولة الخلافة التي ستشمل إمارة الصحراء الشاسعة في شمال مالي وحتى الحدود الموريتانية مع أجزاء من النيجر وليبيا وجنوب الجزائر ثم يأتي الدور على مصر، بينما تكون مدينة "درنة" الليبية التي تم إعلانها مؤخرا إمارة إسلامية هي المقر الجديد لقيادة تنظيم القاعدة في إفريقيا لعدة أسباب أهمها أن "أنصار الشريعة" تحكم سيطرتها على المدينة رغم محاولات اللواء خليفة حفتر الإطاحة بهم، فضلا عن أن كل الجماعات في مدينة "درنة" تعتنق فكر القاعدة!!
القارة الإفريقية تشهد الآن صراعا ناعما بين تنظيمي "القاعدة" و"داعش" .. أبو بكر البغداي زعيم تنظيم "داعش" الذي قام بتنصيب نفسه خليفة للمسلمين في خطوة استباقية أرسل أحد أتباعه إلى ليبيا لإقناع كتيبة "المرابطين" المقاتلة وممثلين عن أنصار الشريعة التونسية وأنصار كتيبة الشريعة الليبية وحركة التوحيد والجهاد في شمال مالي، ونجح في ضم العديد من القيادات منهم سيف الدين الرايس المتحدث باسم أنصار الشريعة الذي أعلن مبايعته للبغدادي خليفة للمسلمين ووضع نفسه تحت امرته .. وفي المقابل وبحضور 33 من قيادات تنظيم القاعدة في المغرب العربي قرر أمير تنظيم القاعدة في إفريقيا أبو مصعب عبدالودود واسمه الحقيقي عبدالملك درودوكال إنشاء جماعة "الدولة الإسلامية " والاجتماع حسب ما ذكرته وكالة فرانس برس نقلا عن صحيفة المانية استمر 3 أيام وناقش استراتيجية جديدة قائمة على التنسيق والوحدة بين الجماعات ورفض مبايعة البغدادي والاستمرار في التحالف مع أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة والتصدي للحكومات العلمانية في المنطقة وتدفق المقاتلين الإسلاميين على مصر وتونس!!
لقد نجح تنظيم القاعدة في تقسيم العالم إلى 4 مناطق إحداها شمال إفريقيا تحت زعامة عبدالملك درودوكال وهو المسؤول الفعلي عن كل أعمال العنف التي تجري في إفريقيا بما فيها مصر, وبعد أن كانت الجماعات الجهادية بشمال إفريقيا منفصلة أصبحت في الوقت الحاضر كحلقات متصلة تعمل على "تحزيم" شمال إفريقيا بدءا من مالي ومورتيانيا مرورا بالمغرب والجزائر وتونس وليبيا وصولا إلى شبه جزيرة سيناء وإشعالها في أي لحظة .. وهيكل الدولة الإسلامية في إفريقيا ينقسم إلى 4 إمارات .. الإمارة الأولى بمنطقة المغرب العربي والثانية بمنطقة الصحراء والإمارة الثالثة بمنطقة الحدود المغاربية الجزائرية، أما الإمارة الرابعة ففي ليبيا ومصر وحدودها الغربية!!
لقد توصلت الأجهزة السيادية في مصر إلى معلومات تفيد بوجود مخطط من جهات أجنبية لنقل العمليات الإرهابية من سيناء إلى الوادي الجديد والواحات وذلك لتخفيف الضغط على الجماعات الإرهابية في سيناء ولو نظرنا إلى المكان الذي وقعت فيه العملية الإرهابية وهو محافظة الوادي الجديد سنجد أننا نتحدث عن منطقة شاسعة تبلغ مساحتها نصف مساحة مصر تقريبا حيث أراد الإرهابيون فتح جبهة جديدة خاصة بعد أن نجح الجيش المصري في تصفية غالبية البؤر الإرهابية في شمال سيناء، والمطلوب حسب هدف الجماعات الإرهابية هو جر القوات المسلحة المصرية إلى مناطق مكشوفة في جوف الصحراء لاصطيادها والدخول معها في معارك مفتوحة!!
لقد كشف خبراء عسكريون عن وجود شبكة إرهاب يربطها مخطط واحد لزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية والانتقام من السلطات الحاكمة في مصر لإفشالها هذا المخطط ونجاح عملياتها لاجتثاث الإرهاب في سيناء وتضييق الخناق على تهريب الأسلحة عبر الحدود مع ليبيا ما يحرم الجماعات الإرهابية من مصادر السلاح، ما يعني في النهاية أن مجزرة الوادي الجديد عملية انتقامية قبل أن تكون إرهابية!!