[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
احيانا، بل في كثير من الأحيان نفكر بصوت عال واحدة من الأمنيات المهمة ان لا يكون لنا ابن عبقري كي لا نخسره سواء قتلا او ذهب إلى الغرب ليمارس عقله المتقدم هناك.
عندما قرر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اقامة قوة من العقول المخترعين حوله، كان يأمل ان يحقق من ورائها آمالا كبارا، وهو بدأ بالفعل، لكن الاميركي والغرب عموما عاجله بتكسير طموحه عبر الهجوم عليه منذ اوائل التسعينات من القرن الماضي، وبعدها بمرات، وصولا الى احتلال مباشر للعراق ومن ثم اعدامه لأكثر من سبب، لأنه اولا اراد دولة بسماركية، وثانيا لأنه ملك النفط وصار للدولة، وثالثا لأنه ضرب اسرائيل بعدد من الصواريخ البالستية، ورابعا لأنه من بقايا عصر ذهبي طرح مشروعا قوميا ...وحين احتل الاميركي العراق تمت ملاحقة عقوله من العباقرة الذين انشأهم صدام، من قبل الهجرة لاقى ترحيبا ومن رفض تم اغتياله .. ثم لا ننسى اغتيال مخترعين مصريين وايرانيين وسوريين ولبنانيين لأن بعضهم قرر العودة إلى بلاده لوضع علمه بخدمتها، ومنهم من كرس بالفعل علمه لها ..
ليس جديدا اغتيال شخصية فلسطينية مثل فادي البطش، وقبله محمد الزواوي، بل قبله عديدون .. انه الخوف من التاريخ ومن الحاضر ومن المستقبل ان يتمكن العرب من ايجاد شخصيتهم الخاصة التي تتيح لهم دورا بمعزل عن الغرب ..
في التاريخ ما يشهد ان احدى زوجات هولاكو المغولي وهي المقربة إليه، وسوست له كلاما فيه الكثير من التحريض على المسلمين آنذاك وعلى بغداد تحديدا باعتبارها الحاضنة الكبرى آنذاك لعلم كبير ولثقافة مميزة حاضرة بين عالم جاهل، ثم قامت بتحريضه لاحتلال تلك المدينة وتحطيم مكتبتها المشهورة في وقتها، وقتل كل من يعرف عنه علما. وهكذا كان حين وصف مؤرخو ذلك الزمان كيف اصطبغت مياه دجلة بلون الحبر لمدة طويلة نتيجة رمي الكتب فيها .. وهذه الحادثة تكررت مع العديد من المكتبات الاسلامية نذكر منها مكتبة بني عمار في طرابلس بشمالي لبنان التي قام المماليك بحرقها عن بكرة ابيها للسبب عينه.
منذ زمان الزمان والعالم يخاف المنطقة، وخصوصا علم ابنائها، في ثلاثينات القرن الماضي برز رجل مخترع كبير في عالم التلفزة والكهرباء وهو حسن كامل الصباح من جنوب لبنان، والذي تؤكد عائلته ان الاميركيين قتلوه في عز شبابه لأنه اصر على السفر الى لبنان لممارسه علمه من اجله، بل انه وضع اختراعا بيد الملك فيصل الأول من اجل البيئة في العراق ومنها مسألة الكهرباء ، فكان ان خربوا فرامل سيارته عند اصراره على العودة الى لبنان ، مما ادى إلى تدهورها ومقتله.
لا شك ان الأهل يفرحون دائما بإنجاب اولاد اذكياء بل عباقرة لو سمحت ظروف دراستهم .. بل ان ثمة شعورا لدى الكثير من آبائنا ان تعليم اولادهم في الغرب له مكانته الاجتماعية اولا وقبل كل شيء آخر، لكن ما ان يتم اكتشاف عبقرية ابنهم حتى يصبح تحت الخطر الشديد، اما ان يبقى حيث هو وبالتالي خسرته بلاده وخسره اهله، واما عليه ان يتحمل خطورة عودته إلى بلاده ان هو اصر عليها .. وكم من الوفيات المشبوهة حصلت لدارسين عرب مميزين في علمهم وبعد البحث والتدقيق تبين السبب الوارد اعلاه.
فهل نقول لأهالينا العرب وبكل اسف الكلمات والتمني ان لا تفرحوا بإنجاب اولاد عباقرة وخصوصا ان ذهبوا للدراسة في الغرب.