[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لو قدم رئيس وزراء اسرائيل عرضا على طريقة الباتومايم ( بدون كلام) لفهم انه يقصد ايران وبرنامجها النووي تحديدا .. كل حركاته وتصرفاته باتت مقرونة بايران .. في يقظته وفي منامه ، وفي تفكيره .. لكن المرء عندما تتلبسه فكرة من هذا النوع، يتحول الى هذيان، وقد يتلبسه شيطان.
المسرحية الناتنياهوية كانت مضحكة، بل انها من نوع الهزلية بدون معنى. وعليه ماذا نفعل مع رجل يريد ان يقنع العالم ان ايران لديها برنامج نووي سري، في الوقت الذي نعرف ان هذا الكلام لايقنعه هو اولا .. لكن المؤكد الذي لاجدال فيه، ان حديثه موجه الى الرئيس الاميركي الذي ينتظر بفراغ الصبر من يدلي بكلام من هذا النوع، كي يتقدم على الفور لدوره الذي ينتظره كثيرون خلال هذا الشهر.
ومع ذلك، فيمكن لأي آخر ان يخترع افكارا حول مسألة النووي، الا نتينياهو الذي يعوم كيانه على بحر من النوويات، بدأت منذ ان اهدت فرنسا شيمون بيريز انشاء مفاعل ديمونة عام 1956 ، وحققت الى الآن نتائج باهرة في الرؤوس النووية التي تتجاوز الثلاثمائة رأس، ليس مهما اقل او اكثر، لكنه قد يكون ايضا رقما متواضعا في حقيقته.
فهل تنشيء اسرائيل هذا الكم من الرؤوس من اجل ان تتفرج عليها، وهي مغرمة بها فقط، ام انها صنعت لاسباب اللحظة الاخيرة، او ربما للتطوير الذي تحتاجه وقد احتاجته في اكثر من حرب، بل انها وصل بها المطاف الى حد استعمالها، كما تقول رئيسة ورزاء اسرائيل السابقة جولدا مائير في كتابها " التقصير " ان فكرة استعمال السلاح النووي كاد ان يبرز في لحظات عند شعورها بان اسرائيل باتت مهددة وجوديا اثر حرب اوكتوبر عام 1973.
اما المؤكد ايضا، فهو اكتشاف بقايا يورانيوم مخضب كما قال اكثر الخبير اللبناني محمد قبيسي اثر حرب العام 2006 في الضاحية الجنوبية من بيروت وفي جنوب لبنان .. وهو ايضا مااكده خبير بريطاني زار لبنان بعد تلك الحرب، وبعد اخذه عينات من عدة اماكن تبين له حقيقة هذا الأمر.
فهل بعد كل هذا يحق لمثل نتنياهو ان يقدم عرضا هزليا ويكيل اتهامات لدولة كثيرا ماردد فيه مسؤولوها انهم لايفكرون ولا يسعون الى الصناعة النووية ، بل يعتبرون ان صناعته محرمة ..
من الواضح ان اوركسترا الاتهامات ستنهال على ايران في الايام المقبلة، ومثلما زرع الاسرائيلي في العقل الاميركي مسألة اسلحة الدمار الشامل في العراق والتي سببت اكبر كارثة لهذا البلد لن يتخلص منها ولو بعد سنين، وكذلك الحال مع سورية حول السلاح الكيماوي ، فان المرحلة القادمة، سوف تكون اتهامات لايران بامتياز، وقد لايكتفي ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع الايرانيين، فلربما كان هنالك سيناريو آخر تستعد له طهران، وقد يكون مايسميه البعض الانفجار الكبير المحتمل.
من المؤسف ان العالم يعيش على هزات اسرائيلية ويقبل بها كأنها قدره .. لكأنما صارت لديه قناعة بان من يقوده ليس الولايات المتحدة الاعظم، بل اسرائيل " الاعظم"، وانها ليست الوكيل، وانما الاصيل الذي يتم سماع صوته وتهديداته وتحديد مسار البوصلة لهذا العالم حتى لو كان ذلك في ايذائه ، لكنها اسرائيل التي لاتستطيع العيش بدون تفجير وحروب .. لقد ولدت لهذه الغايات وستستمر .