كانت الصناعة ولا تزال هدفًا تسعى إليه السلطنة؛ لكونها قطاعًا حيويًّا من القطاعات الإنتاجية والاقتصادية الكبرى، سواء من حيث ما يحققه من مردود اقتصادي وفير أو من دعم كبير لسياسات التنويع الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وقد عدت السلطنة هذا الهدف أنه يستحق العناء لبلوغه، ومضت الجهود الحثيثة نحو تحقيقه بصورة لافتة وواضحة، أخذت تتجسد الرؤى والسياسات والخطط الموضوعة لأجله في شكل واقع ملموس نراه اليوم من خلال المناطق الصناعية التي أقيمت في مختلف المواقع؛ كل بحسب مدى صلاحيته وملاءمة موقعه حتى غدت خريطة السلطنة تحكي قصة نجاح باهر أنجزته النهضة العمانية الحديثة من خلال أعداد المناطق الصناعية التي تتوزع على الجغرافيا العمانية، وينعكس هذا النجاح في ما شيد عليها من مراكز الإنتاج والتي كانت باكورتها منطقة الرسيل الصناعية، ليتلوها إنشاء المؤسسة العامة للمناطق الصناعية لتتولى بدورها عمليات الإنشاء والإشراف والتنمية للمناطق الصناعية في مختلف محافظات السلطنة.
وتمثل المصانع والمؤسسات العمانية الإنتاجية قطب الرحى في عملية التنمية الاقتصادية، ورفع المستوى الصناعي وكفاءته، فهي تحمل شعلة الإنتاج بعلامته المميزة "عماني"، مؤكدة العزم على الاستمرار في ذلك، وتداول الرؤى الجديدة والخطوات حول مستجدات القطاع من أجل مواصلة النهوض الصناعي.
ويأتي لقاء الموردين العمانيين الذي نظمته أمس المؤسسة العامة للمناطق الصناعية بفندق "كراون بلازا مسقط" بمشاركة مسؤولي أقسام المشتريات في أكثر من 40 مؤسسة حكومية وخاصة تأكيدًا على مكانة المنتج العماني، ولتدارس سبل حفز عملية التنمية الاقتصادية في مجال الصناعة التي أصبحت أحد المصادر المهمة للدخل الوطني، وتخفيفًا من الاعتماد على المصدر الواحد الممثل في النفط والغاز، ولإتاحة الفرصة للتعريف عن كثب بالمنتج العماني ومميزاته وجودته، حيث استعرضت المؤسسات المشاركة في اللقاء احتياجاتها من المنتجات أمام أكثر من100 شركة ومصنع عماني.
وما من شك أن مثل هذه اللقاءات تسلط مزيدًا من الضوء على طبيعة الصناعات والمنتجات العمانية، وتتمخض عنها رؤى جديدة، وتتكون من خلالها تصورات واضحة، وتشكل فرصة مناسبة وبيئة حاضنة لتضافر الجهود والرؤى التي من شأنها أن تدعم المنتج العماني، بما ينعكس مزيدًا من الخير والنماء على الصناعات العمانية.
لقد أصبح اليوم المنتج العماني يحظى بالجودة والتنافسية اللتين لا تقلان عن ما لدى المنتجات الأخرى، وخير دليل على ذلك اقتناء المواطن والمقيم المنتج العماني لتلبية احتياجاته، وأعماله اليومية التي تدخل فيها المنتجات العمانية، ليس من باب تشجيع المنتجات المحلية، وإنما من باب ما أثبتته هذه المنتجات من جودة وتنافسية عالية وبالتالي نيلها ثقة المستهلك.
ويكتسب لقاء الموردين العمانيين أهميته من حيث إنه يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه المؤسسة العامة للمناطق الصناعية لدعم المنتجات العمانية، وإيجاد أسواق لها داخل السلطنة وخارجها، وفتح آفاق أرحب لاقتناء المستهلك (مؤسسات/ أفراد) لهذه المنتجات من ناحية، ودعم الاقتصاد الوطني من ناحية أخرى؛ فالحضور اللافت من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة من شأنه أن يفتح مجالات ومنافذ واسعة لعمليات البيع والدعاية والترويج، وإعطاء الأولوية لشراء المنتجات المحلية، ومناقشة كيفية التعاون مع الموردين المحليين لاقتناء هذه المنتجات. كما أن أهمية اللقاء يمكن وضعها في سياق اهتمام السلطنة بتأمين اقتصادها ضد أية هزات تسببها الأزمات المالية العالمية، بحيث يمثل القطاع الصناعي العماني والمنتج المحلي ضمانة اقتصادية وأداة تحصين لاقتصادنا الوطني. والأمر الآخر أنه كلما زادت نسبة الإقبال على اقتناء المنتجات المحلية انتعشت المصانع والمؤسسات الإنتاجية ومؤسسات الوكلاء والموردين، وهذا بدوره يفتح فرص عمل أكبر للباحثين عن عمل من شبابنا ومن المخرجات التعليمية؛ لذلك الوعي والثقافة لدى المؤسسات والأفراد في مجتمعنا بشأن المنتج المحلي والحرص على اقتنائه أمر مهم في هذا الجانب.