[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كل طريق لها نهايتها، وكل افق لا بد ان يرى من بعيد، الا الحالة العربية الراهنة فهي تبدو بلا نهايات، وبلا افق .. واننا بالتالي امام مجرد قراءات واستنتاجات، نرجو ان نتمكن من حكم ولو صائب جزئيا، لأننا حتما لن نصيب الا في حالة واحدة، وهو هذا العربي الذي نرجوه جديدا اذا صحت توقعاتنا وقراءاتنا.
الأجيال التي بدأت مشوار الخراب الكبير الذي عم، لا نملك الأمل في تغيير عقلها وافكارها، لقد اختطفتها الأحداث السريعة التي بدأت مفهومة ثم سلكت طرقا مختلفة، فصارت طويلة الأمد، مما يعني مجهولية المستقبل.
يمكن للمرء المفكر ان يستنتج افكارا من خلال ممسكات واضحة، لكن المبهم لا يؤدي سوى إلى مبهم، وما يجري في العالم العربي ثقيل على النفس متعدد الجوانب، لكنه بالنسبة لكاتب السطور محصور في زاوية واحدة، وهو ان وجود اسرائيل في منطقتنا العربية، وراء كل هذه الإشكالات التي ستزيد ان لم يكن حل لهذا الكيان المهدد للمصير، وخصوصا بعد الانفتاحات العربية عليه، وتدليله واحاطته بالرعاية التي تتيح له المزيد من الفعل.
من المؤكد اننا لن نملك الثروات بعد حين، ونخاف ان نصل إلى مرحلة نستأجر فيها أوطاننا سواء من أميركا أو من اسرائيل لكي نتحول إلى سكان بدل ان نكون شعوبا. في الأزمان الماضية، كانت الصراعات موجودة، من وقف بوجه جمال عبد الناصر لم يكن فقط ضده كزعيم، بل كصاحب مشروع يتناقض مع هذا البعض .. وحين سقط عبد الناصر، رست النجاحات على المشروع الخصم الذي استمر طويلا، رغم انه انشغل بكيفية معالجة الزائر الجديد للمنطقة وهي المقاومة الفلسطينية، التي تم التوافق الشامل في المنطقة على انهاء عهدها الذي طال برأيهم، فكان ماكان.
اذن مرحلتنا الحالية لها تاريخ اسود ايضا، فهي لم تأت من فراغ، بل من قلوب ما زالت مليانة، لم تفرغ من حقدها ومشروع المقاومة عاد وتدفق إلى المنطقة بشكل جديد واسم جديد ومفهوم اجد وأقوى واشد تأثيرا واستحكاما بالأرض وله نفوذ ومخالب.
فهل نحن امام عربي جديد وسط الظلام القاتم، ام ان ما قلناه حول اجيالنا ثابت، وان الرهان على الصغار الذين ولدوا مع الأحداث الجسيمة ومع رائحة البارود ومع شقاء النزوح والهجرة ومع الخراب العميم، مع صراخ الأمهات ودموع الآباء التي ستظل تطن في العقل الذي سوف يكبر فيما ما علق به قد علق وصار من صلب الشخصية.
نحتاج إلى زمن انطلاق تلك الأجيال نحو التغيير، لكن المهم ان تبرز النتائج النهائية لما ستكون عليه المنطقة وأوطانها وأقطارها. لا يستطيع اي محلل او فهيم مجرب وقادر على الحكم ان يحكم في نهائيات ما ستؤول إليه الأحداث الجارية العميقة إلى درجة انها ستترك آثارها إلى امد غير محدود.
لكي نقول اذن بالعربي الجديد، علينا ان نتمكن من تحديد نوعية مرحلته التي لا نراها أو هي غير مرئية البتة في حجم الصراعات والقوى، ثم في التدخل الاإسرائيلي الذي ينتج دائما جديده والمفاجئ، وهو عبارة عن سيناريوهات جاهزة للتدخل.
اذا كانت الأحزاب العربية بمفكريها وكتابها قد كتبت في السابق الكثير من الصفحات النظرية حول الصراع والبرامج الوطنية وطبيعة التغيير وغيره، فهي الآن عاجزة ان تضع لمحات بسيطة لما سيكون عليه العربي القادم من رحم العذابات، طالما ان العذابات لم ولن يكتب لها نهايات والأوطان ايضا مهددة.