[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
في وقت مبكر جدا وهو في أوج عطائه رحل الكاتب والقاص العراقي المبدع سعد محمد رحيم، الذي أصدر قبل سنوات روايته المتميزة واختار لها عنوانا مثيرا للانتباه ( مقتل بائع الكتب)، وقد لاقت اهتماما واسعا في الأوساط الثقافية عراقيا وعربيا، ويشير مدخل الرواية إلى واقع العنف الذي يعصف ببلده العراق، ومن بين مدنه الكثيرة التي تئن تحت وطأة الدمار والخراب وأنهار الدماء، يتحدث سعد محمد رحيم عن مدينته بعقوبة، تقع شرق العاصمة حوالي 60 كم، التي نالت حقها من العواصف المدمرة على مدى سنوات، وفي العادة يختار الروائيون والقصاصون مفردة " موت" كما فعل تشيخوف في قصته الشهيرة (موت موظف) ، إلا أن رحيم أراد أن يوجه صرخة المبدع المحتج على الواقع المؤلم فأطلق مفردة " مقتل" وهو الذي يسجل في ذاكرته مشاهد القتلى والجثث اليومية المرماة على قارعة الطريق.
يمكن القول أن الراحل المبدع الكبير سعد محمد رحيم ، أنه من بين المتميزين جدا من القصاصين والروائيين العراقيين الذين ظهرت إبداعاتهم منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين ، وحقق حضورا في الساحتين العراقية والعربية، وفي سيرته الإبداعية نجد العديد من المؤلفات، الصعود إلى برج الجوزاء.. قصص 1989. بغداد. وعاش سعد حقبة الحرب العراقية الإيرانية بكل ما تتركه الحروب من بشاعات في ذاكرة الناس بصورة عامة وفي عقول وذاكرة المبدعين بصورة خاصة ، بعد ذلك تراكمت صور الحصار إلى جنب مآسي الحرب، فنشر الأعمال التالية ،ـ ظل التوت الأحمر.. قصص 1993. بغداد.ـ هي والبحر.. قصص 2000. بغداد.ـ غسق الكراكي.. رواية 2000. بغداد.
ويمكن تقسيم الأجواء التي تركت بصماتها على هذا الجيل من الروائيين والقصاصيين والشعراء أيضا، إلى ثلاث حقب بمؤثراتها الثقيلة والقاتمة، فبعد حرب السنوات الثمان جاء الحصار القاتل الثقيل المؤلم، وقبل أن يتمكن العراقيون من نفض غباره المتعب، دخل الجميع في حقبة الغزو الأميركي وتداعياته الأخطر منذ العام 2003 ، وبالتأكيد وجد هذا الجو حيزا كبيرا في اعمال الراحل سعد محمد رحيم، فجاءت، المحطات القصية.. قصص 2004. بغداد.ـ تحريض.. قصص 2004. دمشق.
• حصل الروائي والقاص والصحفي الراحل على جوائز عديدة وكبيرة من أهمها ـ الجائزة الثانية في مسابقة المجموعات القصصية .. وزارة الثقافة ـ بغداد 1988.ـ الجائزة الثالثة في مسابقة المجموعات القصصية .. وزارة الثقافة ـ بغداد 1993.ـ جائزة الإبداع الروائي في العراق لسنة 2000 عن روايته (غسق الكراكي)، وبعد نشر خبر وفاته في مدينة السليمانية قبل أسابيع أثناء حضوره نشاطا ثقافيا نعى الفقيد الكثير من اصدقائه وزملائه ، وفي جميع الكلمات التي نشرت تجد حزنا وألما على رحيله ، واجمع المثقفون والكتاب على خسارة العراق اسما كبيرا ومبدعا شق طريقه في عالم الإبداع وترك إرثا متميزا.
بسبب الأوضاع المعروفة ومغادرتي العراق منذ سنوات لم أتمكن من التواصل مع الصديق الراقي والأخ العزيز المبدع سعد محمد رحيم، لكن وللأسف أصبح اختطاف الموت لهؤلاء الكبار يعصف بالذاكرة بكل ما يحمل ذلك من حزن وألم.