نسر
حلق في الأعالي فوق حدوده الجغرافية، ولم يصادف أية فريسة . قرر النزول لمستوى منخفض جداً لأول وآخر مرة.
شوهد بعد ساعات محمولا على أعناق حيوانات أقل من مستوى بصره.
***

متناقض

ألبسها السواد فلم يظهر منها إلا عيناها في وجه أهلها. وضع أقصى درجة من المخفي على نوافذ سيارتها. طاردها بحديثه عن كل الممنوعات أثناء قيادة السيارة حتى ضاقت الرؤية عليها. وضع كلمة "لا" كبيرة على الابتسامة أو حتى الالتفاتة لوجود رجال ذئاب خلف مقاود السيارات.
تسببت كل هذه التحذيرات بارتباكها خوفا منه، في حادث كبير أفقدها القدرة على الحركة، وهي على السرير تفاجأت بدخول الضرّة الجديدة عليها في بيتها، ممسكة بيده..
وكانت سافرة الشعر!!!
***
جد
أخرج الابن ورقة ومدّها لجده؛ اكتب لي عبارة تمدني بطاقة . وبجرة قلم خط له "العالم غلط ونحن صح" .
ابتسم الابن في استقبالها، ووضع علامتي تعجب في نهايتها!!

***
حذر
كن حذرا دائما مما تسمع عن امرأة. الشائعات إما تأتي من رجل لا يمكن أن يكون لها.. أو امرأة لا يمكن أن تتنافس معها.

****
الزعل

أبي كان يردد على مسامعي وأنا صغيرة "المراضاة.. المراضاة" عندما تزعل أمي عليه.
تذكرت أمي بعد زواجي عندما تصرخ " الرجل طفل كبير" . مات والداي في الثمانينات من العمر ولم يفترقا . فقط استمرا في الصراخ والمراضاة!!

*****
سقوط قناعين

ظهرا بجسدين ممتلئين على طريق طويل وممتد . كل منهما يمشي سريعا.
بمجرد أن تلاقيا وجها لوجه سقط قناعاهما.
وعندما افترقا تلاشى ظلهما وكأنهما كانا مجرد خيال.. وبقي القناعان شاهدين على مرور مجرد جثتين!!

*****
تاجر وشبيهه

رجلان كل منهما يقبض على متجر كبير في السوق. عرف كل منهما كسب زبائنه وحافظ على مسافات طويلة من التعاطي في السوق . اشتهر الأول بالتقطير والحزم، والثاني بالعطاء والعزم . ماتا في اليوم نفسه، الأول وجد على صندوق المال، والثاني على سجادة الصلاة.
خرج الفقراء يبتهلون في وداع من أكرمهم، ونام الأغنياء الذين كانوا مقربين في تعاملهم من الأول.

****
بقعة دم في بحيرة

أفاق أهل البحيرة على غريب قدم للصيد لأول مرة فيها، فأزهق أرواح سبعين سمكة في يوم واحد.
شوهد وقت الغروب تبتلعه البحيرة بقاربه، ولم يبق منه سوى بقعة دم حمراء دائمة تتحدث عنها الأجيال.

****
قبضة حديدية
أمسكت بيد زوجها وشدّتها نحوها، ضمّتها بقوة، لم تشعر أن خاتم الزواج كان يحفر جروحا غائرة في يده في كل مرة تقوم بهذه القبضة الحديدية.
آخر سبع سنين شوهدت تمشي وحيدة، والأوراق متساقطة حولها.. وكانت يدها مستمرة في الانقباض طوال الوقت.

****
حلم مستمر
يتكرر المشهد في الحلم عن السرير الأبيض الذي شهد ولادة الصحفي . يشير الوقت إلى الفجر دائما. الصحفي يعبر شوارع مألوفة بالنسبة له محاولاً إيجاد مكان مولده. ولكن لسببٍ مجهول لا يعثر عليه . يعيد الحلم نفسه بشكل متكرر.
يدخل في حالة من الإرهاق والحزن الدفينين في كل مرة لا يصل لمبتغاه . هذا ما خطّه الصحفي في تغريدته الأخيرة قبل أن يودع عالمنا.
****
كتاب العلماء
في نسخة قديمة من كتاب (العلماء) وقعت بيد كاتب شاب أهداها له جدّه الأمي وهو يحتضر.
طار من الفرح بحصوله على الفتح المبين الذي انتظره ليرفع من شأنه. كنز يتباهى به، وجد فيه مبتغاه ليعيب أقرانه، ولكن لسبب ما لم يستطع فتح الورقة الأولى منه!!

*****

ثلاثة في عاصفة
هبت عاصفة ثلجية بعد سنوات من الجفاف.
ثلاثة دفعوا ثمن العاصفة: صاحب المقهى الذي توقفت غنمته عن مدّه بالحليب حين جفّ ضرعها بعد أن تثلّج العشب.. فهجر زبائنه مقهاه . وحرّاس المدينة مات كلبهم بعد أن احتمى كل منهم بالمكان الأدفأ، ولم ينتبهوا بأن الكلب الذي كان يحرس مدينتهم قد تجمّد باب بيته عليه، وتغطّى بالثلج وهو بداخله. زادت السرقات واللصوص .. فضاع الأمن والأمان.
والوالي الذي مات حصانه من البرد في أول يومٍ من العاصفة، ولم يستطع بعدها الحركة خارج حدود ديوانه .. فمات العدل بموت الحصان.

د. سعيد السيابي