في السنوات التي تجد فيها نفسك مكرها على عمل ما، وملتزما بوظيفة لا تجد عنها بديلا، في الأيام التي تجد نفسك فيها مجبرا على أعمال روتينية تتعلق بزيارة أحد من الأقارب لا تحبه، أو عمل إجتماعي روتيني قد مللت منه، في الدقائق التي تتصنع فيها الإبتسامة والصبر والتفاؤل ـ والشدة والغضب أحيانا- في الحياة القصيرة داخل حياتك الأم وحين يراودك سؤال "ما هو الداعي لكل هذا التمثيل ؟"، عليك حينها أن تعيد النظر إلى حياتك من منظورها الواسع، وأن تأخذ من تقلب الدقائق عظة تخبرك عن تقلب السنوات، وعليك أن تبصر في السنوات وتغيراتها مشروع حيواتك الصغيرة المرتبطة بحياتك الكبرى، عليك أن تنظر إلى حياتك ككل ماض وحاضر ومستقبل، وإن كنت لا تعرف عن المستقبل شيئا فإنه وبلا شك إنعكاسات للماضي، إذ الحياة مجموعة سنين دائرية تدور لتعود الأشياء فتتكرر بعد كل دورة، وبين بشر وآخر يختلف طول الدائرة.
القاعدة الأساس للكون هي الرقم سبعة، ولكن هنالك من البشر من يعيشون أرقاما أخرى مختلفة، لذا عليك أن تجد في سجل تاريخك الرقم الذي يتكرر دائما، لتعرف كم أنت قريب من المرحلة القادمة، ثم لتعرف إذا وجدت نفسك في روتين قاتل أو نمط حياة متكرر متى سينكسر الروتين وتتغير الحياة، وحتى يحين لك التغيير عليك أن تفتح صدرك لكل هذا السيل من الحياة المتدفق بالألوان الكثيرة من المتناقضات، وعليك أن تتعلم قواعد الأشياء وتفرق بينها فلا تطبق قاعدة في مكانها الخطأ، تماما كما تعرف أن الطيب في غير محله غباء، وعليك أن تستعين بالصبر على كل ما يمر بك، كما عليك أن تواجه الحياة بذكاء وشجاعة، لا بشجاعة وذكاء، إذ الذكاء لابد أن يكون الموجه لكل شجاعة، وليست الشجاعة تقود الذكاء أبدا، ثم وحين تجد نفسك في مأزق من نوع الفشل لابد أن تواجه العالم كله بفشلك، إذ الفشل سمة من سمات الحياة، ولولاه لما كان للنجاح تعريف، والشيء بنقيضه يعرّف.
حين تجد نفسك ملزما بقواعد لا تروق لك في مجتمعك عليك بالنظر إلى كل القواعد نظرة واحدة، لتميز كيف يمكن أن تفصل فيما بينها، هنالك قواعد عرفية تستطيع التخلص منها، ولكن هنالك أيضا قواعد أخرى لا يمكن إلا إتباعها بصمت، خصوصا تلك القواعد القابلة للوزن والتأويل، تلك التي لا ينطبق عليها مقياس الصح والخطأ بقدر ما ينطبق عليها مقياس الكثرة التي ترجح جانبا على آخر، ومع الأيام ستجد أنك ببساطة تتأقلم مع هكذا نوع من القواعد، ذلك أن نفسك البشرية تتقبل القابل للترجيح ولكن يستعصي عليها قبول الجدال المظلم في القواعد القطعية.

سلطان ثاني