يسعى كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى اقتناص ما يمكن اقتناصه أثناء ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فتزامنًا مع الفترة الأولى لحكم الإدارة الأميركية الحالية، قام الكيان الإسرائيلي الغاصب بمحاولة خلق واقع جديد يهدف إلى سرقة والتهام كافة مدينة القدس وبعض المناطق في الضفة الغربية المحتلة، واستطاع عبر آلته الحربية في مواجهة شعب أعزل، ومشاريع القوانين العنصرية بالإضافة إلى العمل تحت المظلة الأميركية، إيجاد واقع جديد، ورفع سقف مطالبه، ليمهد الطريق لاقتراح أميركي يطالبه بالرجوع لبعض الخطوات للخلف، ليظهر في صورة الدولة الساعية إلى السلام، والتي تقدم تنازلات (مؤلمة) مزعومة، حتى يغير من الحقائق ويبعثر الأوراق.
هذه الأفكار الجهنمية لكيان الاحتلال تتزامن مع مخططات أميركية تتحدث مع بدء ولاية ترامب عن صفقة أميركية للعمل على سلام يصب في صالح كيان الاحتلال الإسرائيلي، تحت ما يسمى بـ"صفقة القرن"، وهي صفقة تواترت التسريبات حولها، وطالت الأحاديث المكتومة عنها والعلانية، خصوصًا في الخطاب الفلسطيني الرسمي، الذي أكد أنه لن يتعاطى معها، ويرفض ما يفرضه كيان الاحتلال ومن ورائه واشنطن من خطوات على الأرض تعصف بالحقوق والثوابت الفلسطينية، حيث خرج المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في رام الله مؤخرًا بتأكيدات بأن هذه الصفقة ـ سيئة الذكر ـ لن تمر، كما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه لا سلام دون القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، مشددًا
على أن الفلسطينيين لن يقبلوا بـ"صفقة القرن"، ولن يقبلوا أن تكون أميركا وحدها وسيطًا في عملية السلام، مضيفًا أن "صفقة القرن" هي صفعة لإنهاء السلام؛ كونها أخرجت قضيتي القدس واللاجئين والاستيطان من المفاوضات.
وبرغم أن الرفض الفلسطيني استبق ما أعلن أمس الأول عن ملامح الصفقة المزعومة، وإعلان بعض الصحف الإسرائيلية عن ملامح هذه الخطوة التي تراها إدارة ترامب المدخل لمناصرة حليفها الصهيوني، إلا أن واشنطن لا تزال لا تملك رهانًا غير تلك الخطط، فوفقًا لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، قال مسؤولون أميركيون لوزير "الدفاع" أفيجدور ليبرمان خلال زيارته إلى واشنطن الأسبوع الماضي، إن إدارة ترامب ستطلب من "إسرائيل" الانسحاب من 4 أحياء عربية في القدس الشرقية المحتلة التي من المحتمل أن تصبح عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية، وهي أحياء (جبل المكبر، العيسوية، شعفاط وأبو ديس)، وأوضحت الصحيفة أنه من المتوقع أن تقبل "إسرائيل"، نقلًا عن المسؤولين الأميركيين، الخطة بمجرد تقديمها بزعم أنها ستقدم ما تصفه واشنطن وحلفاؤها في الكيان بـ"التنازلات المؤلمة المحتملة".
وقد عمل كوشنر وجرينبلات على ما تسميه واشنطن بخطة سلام مع السفير الأميركي لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي ديفيد فريدمان العام الماضي، وقد تسربت تفاصيل قليلة منها، أبرزها تقديم واشنطن مقابل التنازلات المزعومة دعم وتزويد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأسلحة متطورة في حال نشوب صراعات واسعة النطاق في المنطقة، وتأتي هذه التسريبات قبل أقل من أسبوعين من نقل السفارة الأميركية رسميًّا إلى القدس في الـ14 من مايو الجاري، ومن المتوقع الكشف عن الخطة الكاملة بعد وقت قصير من نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة.
إن ما تقوم به واشنطن وكيان الاحتلال الإسرائيلي من مؤامرات تسعى إلى تفريغ القضية الفلسطينية، وسعيهما الدؤوب لبلورة المشروع الذي يهدف إلى تصفية القضية، يأتي في ظل صمت عربي مريب، وأحاديث عن موافقة بعض الدول بالمنطقة على هذه الخطة، بجانب مساعٍ دولية إلى القضاء نهائيًّا على القضية الأكثر إثباتًا على انهيار منظومة القيم والمبادئ في السياسة الدولية ألا وهي القضية الفلسطينية، وهناك محاولات مستميتة لتحميل المجني عليه نتائج عدوان المعتدي عبر هذه الخطة الخبيثة، ويبقى على الفلسطينيين السعي بإخلاص لرأب الصدع الداخلي، والتخلي عن أي تحالفات خارجية تسهم في توسعة هذا الصدع، حتى لا تكون القضية وثوابتها أبرز نتائج الفرقة التي يعيش فيها الفلسطينيون.