[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لم يكن صباحا عاديا يوم أمس، وفي عادة الأيام التي سبقت الانتخابات اللبنانية أن نرى وجوها ونسمع كلاما فيه من الثقة، ليس بالنفس، بل بالإرث الذي تحمله، وهذا أبشع التكوينات، كأنها تتعرف حديثا على الدنيا، لأنها مفتونة بما تقوله وكأنه عالمها وخيالها الذي سبقها.
هذه الوجوه هذا الصباح تغيرت، أصفر المحيا، وبدا الشحوب، حصلت الخربطة في الداخل .. فمرارة الهزيمة في الانتخابات ليست ابنة لحظتها، خصوصا عندما لايعرف هذا الوارث، أن الدنيا تتغير، وأن المجد لايشترى بالكلمات، مؤشره الحقيقي صناعة التاريخ، أي كتابة سطوره بما يليق بالوطنية التي دفع أثمانها دما ودموعا وتضحيات وقلوبا ساهرة.
صباح الخير ياكل لبنان، صباح تعب أبطالك المقاومين الذين وضعوا في صناديق الاقتراع أحلام شعب طيب يؤكد خياره في غده .. لم يكن صعبا معرفة خياره، إنه الحلم الذي يسير بندقية، ومن أجله يلبس الكاكي ويقبل جبين أمه ويرحل، ودائما إلى الجبهات التي يتشابه فيها الأعداء، حيث خيارهم الواحد وأهدافهم الواحدة.
ولأنه صباح مختلف، فلبنان مختلف .. هذه المكاسب التي سطرها مقاوم وحليف مقاوم، ومقاوم قادم إلى الصفوف ذاتها، وضعت لبنان في كلمة الوضوح وليس في الأسرار .. إنه الوطن الذي تمرد على أصحاب الإرث، وعلى المولعين باللعب المذهبي والطائفي، بل الذين بكل أسف تختبيء في جلودهم حكايات مرة لايمكن الوثوق بها.
لاشك أن لبنان انتصر بمقاومته، وبرجالات انتظرنا طويلا اصطفافهم في المكان اللائق بهم. البرلمان الجديد فيه روح من وعى معنى الارزة، ولغة التراب الوطني، ودور وطن حجم قدرته أكبر من مساحته ومن عدد سكانه، وقوته في زنود مقاوميه وليس في المال أو الذين وزعوا إرثهم على شيء من تاريخه، بدأ عصره يتلاشى.
مامن شك أن ماقلناه قبل يومين أو ثلاثة عن لبنان الغد، وصل إليه، وصار المطلوب إعادة كتابة تاريخ تتحمله القوة الجديدة الصاعدة الجاهزة لأن تصنع في البرلمان ماهو أكبر من الكلمات، محاولة تفجير ماعلق بلبنان من ادران، ولبنان تجاوزها بقدراته التي لاينتبه إليها كثيرون، وبانتصارات نسيت أمام جعجعة لم يكن لها أن تستمر أمام الناس الذين عرفوا بالأمس كيف يصفعون من افتعل المذهبية وهو يتوهم إنه كاسب، أو من حارب بسيف قديم من خشب فإذا به من ماء، وهم كما يقول جبران خليل جبران سطور كتبت ولكن بماء.
مبروك للبنان خياره القادم، وليس لسنوات أربع فقط، بل عليه أن تكون تلك السنوات الممهد لتاريخ دائم متألق أكثر، صانع سنوات أخرى لايمكن محوها أو التأثير عليها أو مواجهتها.
وصباح التعب إذن لهذا الذي نما في لبنان وقاد إلى نتيجة انتخابات تشبه اللبنانيين وخياراتهم تقريبا، ولا ينقصها سوى أن تتحول إلى دستور، أن تصبح المقاومة دستورا مكتوبا ، ولبنان قدم بما فيه ويكفيه من الشهداء لغايات تخص أفول وجود إسرائيل وبعض الذين يخافون الغد العربي فيتآمرون على نخبه المقاومة في لبنان.
يجب أن لايستريح الرابحون بعد اليوم. بين أيديهم وطن يحتاج للتغيير، أن يعاد كتابته على قاعدة وصايا شهدائه ضد إسرائيل أو بدمهم العروبي الذي سقط في سوريا وفي أي مكان احتاجه.
وألف صباح خير للبنان ...