يعد القطاع اللوجستي أحد أهم القطاعات التي تعول عليها الدول المختلفة في تحقيق حصاد تجاري واسع، يفتح الطريق نحو تنويع اقتصادات هذه الدولة أو تلك، لذا تحرص العديد من دول العالم إلى استثمار جزء كبير من مداخيلها الوطنية في إقامة بنية أساسية فريدة تحقق الفارق في إقامة قطاع لوجستي يملك الإمكانات المطلوبة ، خصوصًا الدول التي تملك مميزات خاصة في موقعها الاستراتيجي، حيث تسعى تلك الدول إلى إقامة شرايين الطرق السريعة المؤهلة بالخدمات، لربط مواقعها التصديرية والإنتاجية، لتكون حلقة ربط قوية تحقق المعدلات الاقتصادية المطلوبة منها.
فالتكامل بين المنافذ البرية والبحرية والجوية ومواقع الإنتاج المتمثلة في ربط الموانئ والمطارات والمناطق الصناعية والاقتصادية الحرة، ومنظومة المواصلات الحديثة يحتاج لطرق استراتيجية تلبي متطلبات القطاع اللوجستي.
ويعد طريق الباطنة السريع أضخم مشاريع الطرق في تاريخ السلطنة، ومن بين المشاريع الاستراتيجية العصرية، والذي يبدأ من نهاية طريق مسقط السريع بمنطقة حلبان بمحافظة مسقط، وينتهي بخطمة ملاحة بولاية شناص بمحافظة شمال الباطنة بطول (270) كيلومترًا، وقد نفذ طريق الباطنة السريع وفق أعلى المواصفات العالمية، بحيث اشتمل على تنفيذه إنشاء (4) حارات مرور في كل اتجاه بعرض (3,75) متر لكل حارة مع أكتاف إسفلتية خارجية تبلغ (3) أمتار وداخلية بعرض مترينوعدد 23 محولًا للحركة المروية و17 جسرًا علويًّا و12 ممرًّا أرضيًّا للمركبات.
ووفقًا لما أعلنته وزارة النقل سيوفر الطريق مسارًا سريعًا ورديفًا لحركة المرور العابرة بين محافظات مسندم والبريمي وشمال وجنوب الباطنة والظاهرة المتجهة إلى محافظة مسقط، ما سوف يسهم في تقليل الضغط المروري على طريق الباطنة الحالي، ويوفر بديلًا استراتيجيًّا له كونه قد صمم بحيث لا ينقطع عند هطول الأمطار، كما أنه يتميز بعدد محدد من المداخل والمخارج، الأمر الذي يسمح بزيادة قدرته الاستيعابية لحركة المرور، خصوصًا تلك المتوقعة في ظل الزيادة المطردة لمستخدمي الطريق الحالي نتيجة التطور الاقتصادي المتسارع في محافظتي شمال وجنوب الباطنة ومحافظة مسقط، إلى جانب ذلك فإن طريق الباطنة السريع سوف يعمل على فتح مناطق جديدة للتنمية العمرانية.
وحتى يتسنى الاستفادة القصوى من هذا الطريق الواعد فقد أعلنت وزارة الإسكان عن تخصيص (6) مواقع لإقامة استراحات متكاملة تضم محطات الوقود وغيرها من الخدمات، وذلك على مسار طريق الباطنة السريع بولايات بركاء وصحم ولوى بواقع موقعين متقابلين في كل ولاية وبمساحة (30) ألف متر مربع لكل موقع، لتوفير الخدمات الأساسية خدمة لمستخدمي الطريق، وتنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية على طول مسارات الطرق السريعة، وأوضحت الوزارة أنها خصصت موقعين في منطقة العقدة بولاية بركاء، وموقعين آخرين في منطقة الروضة بولاية صحم، وموقعين في منطقة لوى الجديدة بولاية لوى، على أن تتضمن الاستراحات المتكاملة محطة لتعبئة الوقود ومصلى، ومركز خدمات تجارية ومركزًا للصيانة وخدمة السيارات واستراحة فندقية ومتنزهًا ومواقف عامة، على أن تشكل لجنة للمزايدة العلنية للاستراحات المتكاملة الواقعة بمسارات الطرق السريعة بمشاركة وزارة المالية والمجلس الأعلى للتخطيط تختص بإعداد الشروط والمواصفات وتحديد سعر المزايدة، وتناسبها مع القيمة السوقية لكل قطعة أرض قبل طرحها للمزايدة العلنية، وسيتم الإعلان خلال الفترة المقبلة عن شروط ومواصفات التقدم بالعطاءات لمواقع الاستراحات المتكاملة في ولايات بركاء وصحم ولوى كحزمة أولى.
ما من شك أن هذه المشاريع ستضفي على الطريق الباطنة السريع ميزات استثمارية لجهة أنه يمثل مستقبلًا واعدًا في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية، ويؤمِّن خدمة كبيرة لقطاع اللوجستيات، وسيفتح مجالًا لدخول أصحاب رؤوس الأموال في عملية الاستثمار والتنافس، لا سيما وأن الطريق سيكون خادمًا لحركة التجارة التي تمثلها الموانئ والمناطق الصناعية في المحافظات التي يمر عليها الطريق.