[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
هناك أوجه كثيرة جدا لمعرفة نوع "الإنجاز" وطبيعة المهمة الأميركية في العراق ، ورغم حجم التضليل الإعلامي الهائل الذي عمل في خدمة المشروع الأميركي ولا يزال ، وبالمقابل حجم العداء والتشويه الواسع والهائل الذي تعرضت وما زالت تتعرض له المقاومة العراقية والعناوين المناهضة للاحتلال الأميركي، إلا أننا نستطيع القول وبكل فخر، أن حجم النصر العراقي على أيدي المقاومين قد حقق اهدافه أولا، وأرغم غالبية الجهات والدول والأطراف على الإقرار علنا أو ضمنا بالهزيمة الأميركية، وفي الوقت الذي كان فيه المخطط الأميركي يهدف لوضع دول وأمم وشعوب تحت " العباءة الأميركية" بعد "النصر في العراق" و"إنجاز المهمة" على أكمل وجه وقضم وإذلال تلك الدول والشعوب، فقد نجحت فلسفة المقاومة في العراق التي تقوم في أحد جوانبها على إعطاء درس للدولة العظمى ( الولايات المتحدة) ومنعها من تكرار تجربة العراق، وهناك أمثلة كثيرة تؤكد نجاح فلسفة المقاومة العراقية في هذا الصدد، أبرزها قول هيلاري كلنتون عندما كانت وزيرة خارجية في العام 2009 ردا على طلب بزيادة عديد القوات الأميركية في أفغانستان والدخول في معارك مباشرة قالت بالنص" لن نكرر تجربة الفلوجة القاسية في العام 2004"، ومن نتائج دروس المقاومة العراقية رفض الإدارة الأميركية المشاركة في قوات برية خلال الحرب الغربية الواسعة على ليبيا في العام 2011.
وإذا تأخر اطلاع الشعب الأميركي على حقائق الخسائر الأميركية في فيتنام لسبع سنوات بعد هزيمة تلك القوات في سايغون في العام 1975، ولم يتم الإفصاح عن بعضها إلا في العام 1982، فأنا واثق أن الإدارة الأميركية لن تكشف عن ربع خسائرها في العراق خلال العقود القادمة ولو تجرأت على ذلك، فأن العالم أجمع سيرفع ألف قبعة وقبعة لرجال المقاومة في العراق، وليصاب بالصدمة الأميركون " العرب" والأميركيون" المسلمون" وهنا لا أقصد الجانب الجغرافي، وسيقرر الكثيرون إعادة حساباتهم وبما يؤثر بصورة خطيرة وكبيرة على الخارطة السياسية في الشرق الأوسط وموازين القوى والقناعات شبه الراسخة، ومن هذا المنطلق حرصت الإدارة الأميركية على عدم كشف الحقائق على الأقل في جانب حقيقة خسائرهم البشرية والاقتصادية.
إن مراجعة لما كان يدور من قناعات وتصورات وتخيلات في عقول القادة الأميركيين في ذلك الوقت يعطي تصورا عن المسارات التي اعتمدوها والنتائج التي جنوها في نهاية المطاف.
ونورد نتفًا من أقولهم التي تعبر عن قناعاتهم :
"أؤمن بأنهم سيستقبلوننا بالترحيب كمحررين" (ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي، مارس/آذار 2003) وساد اعتقاد كبير بلغ حد الثقة بأن مدة الحرب ستكون قصيرة.
"خمسة أيام أو خمسة أشهر، لكن بكل تأكيد لن تطول أطول عن ذلك" (دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي، 2002).
"عثرنا على أسلحة الدمار الشامل" (جورج دبليو بوش، 29 مايو/أيار 2003). أي بعد شهر تقريبا من "إنجاز المهمة" وتبين لاحقا أنها مجرد أكاذيب، كما أثبتها تقرير البريطاني تشيلكوت في يوليو 2016.
لقد تحول مشروع غزو العراق من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وبإسناد ودعم أربع وثلاثين دولة في العالم إلى كابوس يقض مضاجع مئات آلاف العائلات الأميركية ، التي يدفع أولادها وبناتها مضاعفات ما بعد الصدمة بسبب تعرضهم لهجمات المقاومين في العراق ، وارتباك كبير في الاقتصاد العالمي وبدايته أزمة عارمة في خريف العام 2008 وما زالت تداعياتها متواصلة ، وسيول من دماء العراقيين وفوضى وخراب في الكثير من الدول وملايين المهجرين والمشردين والنازحين.
هل وصلت صورة " إنجاز المهمة" التي أعلنها بوش قبل خمسة عشر عاما، مهما قلنا وكتبنا فأن حجم الكارثة أكبر، وفي مقدمة الذين خسروا وتكبدوا الكثير هم دافعو الضرائب والدم في أميركا، وبعد ذلك في دول العالم المعنية بهذه الكارثة التي أسماها بوش "بالمهمة التي أنجزت".