[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
”.. الاقتصاد الإيراني ليس هو وحده المتضرر من إلغاء الاتفاق النووي فالشركات الأميركية تعد من ضمن المتضررين .. فعلى سبيل المثال سيخسر عملاق صناعة الطائرات العالمي "بوينج". اتفاقا لبيع 80 طائرة لشركة الخطوط الجوية الإيرانية بقيمة 16,6 مليار دولار وصفقة أخرى لبيع 30 طائرة من طراز بوينج 737 ماكس بقيمة ثلاثة مليارات دولار لشركة طيران "آسمان" مع حقوق شراء 30 أخرى. ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في خضم التحركات الدبلوماسية التي أعقبت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني فإن العائد من هذه التحركات لا يوازي الضغط الذي تمثله المصالح التجارية وتحديدا للشركات الأوروبية في إنقاذ هذا الاتفاق.
فبعد الانتقادات التي واجهها القرار الأميركي من شركاء واشنطن في الاتفاق (الأطراف الآخرون في مجموعة 5 + 1 التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا) بدأت الدبلوماسية الإيرانية في العمل مع هذه الأطراف، حيث بدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السبت جولة تشمل بكين وموسكو وبروكسل ـ مقر الاتحاد الأوروبي ـ كما من المقرر أن يعقد لقاء مع كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وفيديريكا موجيريني" وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي.
وقد حققت طهران مكاسب اقتصادية من الاتفاق النووي، حيث إنه على سبيل المثال ارتفع حجم صادرات النفط الإيراني مع احتساب السوائل الغازية عقب توقيع الاتفاق من مليون و400 ألف برميل يوميا خلال العام 2015 إلى مليونين و900 ألف برميل يوميا في العام 2016.
وفي القطاعات غير النفطية على سبيل المثال ارتفع عدد السياح في إيران إلى خمسة ملايين سائح في 2015، مقابل 3.8 مليون سائح في 2012.
لكن الاقتصاد الإيراني ليس هو وحده المتضرر من إلغاء الاتفاق النووي فالشركات الأميركية تعد من ضمن المتضررين .. فعلى سبيل المثال سيخسر عملاق صناعة الطائرات العالمي "بوينج". اتفاقا لبيع 80 طائرة لشركة الخطوط الجوية الإيرانية بقيمة 16,6 مليار دولار وصفقة أخرى لبيع 30 طائرة من طراز بوينغ 737 ماكس بقيمة ثلاثة مليارات دولار لشركة طيران "آسمان" مع حقوق شراء 30 أخرى.
كذلك فإن شركة "جنرال إلكتريك" ستخسر عقودا تبلغ قيمتها ما مجموعه عشرات ملايين الدولارات لمعدات لمشاريع إنتاج الغاز ومصانع الغاز والمواد البتروكيماوية.
وإن كانت الشركات الأميركية لا تملك هامشا للمناورة مع حكومتها فإن الشركات الأوروبية شحذت الهمم للدفاع عن مصالحها الاقتصادية مع إيران.
فألمانيا التي تعتبر أكبر مصدِّر أوروبي إلى إيران لها شركة سيمنز الموجودة في إيران منذ حضورها فيها في مارس 2016 من خلال شراكتها مع شركة مابنا الإيرانية في مجال توربينات الغاز ومولدات محطات إنتاج الكهرباء ثم وقعت في يناير 2018 عقدا لتزويد مصنعين لعلاج الغاز الطبيعي 12 جهاز ضغط. ووقعت ديملر في يناير 2016 محاضر اتفاقات مع مجموعتين إيرانيتين لصنع وتسويق شاحنات مرسيدس-بنز.
وإذا كان عملاق النفط الإيطالي (إيني) توخى الحذر ولم يوقع اتفاقات مع إيران فإن شركة السكك الحديد فيروفي ديلو ستاتو ايطاليانا وقعت عقداً لبناء خطين للسكك الحديد للقطارات السريعة. ووقعت شركة فينكانتييري لبناء السفن عدة عقود.
ومنذ الاتفاق النووي، دخلت شركة توتال في شراكة مع مؤسسة النفط الصينية لاستثمار 5 مليارات دولار في استغلال حقل فارس الجنوبي. ولكن حتى الآن، لم تنفق الشركة أكثر من 100 مليون دولار.
والعام الماضي، أشارت شركة بيجو-سيتروين (بي اس أ) الفرنسية والتي تملك 30% من السوق الإيرانية إلى اتفاق لتوزيع علامة "دي اس" في إيران وعن إجراء محادثات لعقد شراكات أخرى. وتبيع رينو كذلك سيارات في إيران.
أما أبرز المتضررين فهو شركة صناعة الطيران الأوروبية إيرباص التي كانت قد أعلنت عن عقود مع شركتين إيرانيتين هما "إيران ايرتور" و"طيران زاجروس" لبيع مئة طائرة في المجمل في صفقة تقدر قيمتها بنحو عشرة مليارات دولار. ولدى إيرباص مصانع ومقار في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا.
وإذا كانت طبيعة الأمور توحي بأن قرار الرئيس الأميركي بالانسحاب لا رجعة فيه فإن هذه الكيانات العملاقة من الممكن أن تشكل داعما لإعادة عملية التفاوض على اتفاق جديد خاصة وأن الواضح من التوجه الإيراني للتعامل مع القرار هو التعويل على المصالح المشتركة مع أوروبا، حيث يتجلى ذلك في حرص وزير الخارجية الإيراني على اصطحاب مسؤولين اقتصاديين في جولته الدبلوماسية.