الثالث والعشرين من يوليو المجيد حل ومعه ذكرى بزوغ شمس النهضة العمانية ، يوم خالد من ايام عُمان الخالدة على مر العصور والازمنة، يوم نهضة الوطن وعنفوانه وبداية مرحلة جديدة في تاريخ عمان الحديث والمعاصر التي قادها باقتدار وحكمة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه . فتحية إجلال وتقدير لصانع وقائد هذه النهضة العمانية الحديثة.
واذا كان هذا اليوم التاريخي قد صنع بداية مرحلة مجيدة ومتميزة للشعب العماني والوطن ككل، برغم تواضع الامكانيات، الا انه علينا ان نفخر بما تحقق من انجازات في كل مجالات التنمية والحياة والقوانين والانظمة دون استثناء. ان ما تحقق خلال الفترة الزمنية يعتبر بداية مرحلة هامة من تاريخ بلادنا الحديث لتنتقل السلطنة من مرحلة انعدام البنية الاساسية وغيرها الكثير قبل عام 1970م الى بلد تملك كافة المقومات الاساسية التي يفتخر بها المواطن. فما تحقق على امتداد السنوات الماضية على ارض السلطنة ليس بيسير او قليل بل هو نقلة نوعية كما وكيفا وفي مختلف المجالات التي لا تعد ولا تحصى.
حقا من شهد سلطنة عمان في الستينيات وبداية السبعينيات، ويراها اليوم، يلمس عمليا النقلة الضخمة وغير المسبوقة، وصدق من قال إن عظمة الأمم تقاس بمدى ما تحققته من إنجازات ملموسة على أرض الواقع وليس بالشعارات وأدبيات التنظير المختلفة. فالسلطنة تعد بحق متفردة في هذا الشأن بين نظيراتها من الدول الاخرى بفضل خطط التنموية الخمسية والتوجيهات السديدة لجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي تم على يديه ما نلمسه ونعيشه وننعم به من استقرار ورخاء وامن وأمان ونهضة تنموية شاملة في كافة مناحي الحياة وشاملة كافة الولايات في محافظات ومناطق السلطنة.
ان هذا اليوم سيبقى خالدا وناصعا في سجلات التاريخ العماني داخليا وخارجيا، لانه اليوم الذي صنع بداية مرحلة جديدة ومجيدة لشعب عظيم في ولائه وحبه وكفاحه وعمله استجابة لنداء القائد "أيها الشعب: "سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل افضل." ، فتحقق الوعد وانجز وتحقق العدل، وها هي بلادنا تنعم بمنجزات الـ 23 من يوليو المجيد.
وان الناظر الى ما حققته النهضة المباركة من رقي وازدهار على تراب هذه الارض الطيبة ليدرك مصداقية الوعد وحقيقة الانجاز في كل ميادين الحياة ليهنأ المواطن والمقيم بالعيش الكريم فكان يوم 23 يوليو المجيد شعلة مضيئة على طريق التقدم والنماء وحلقة متواصلة للاجيال القادمة.
لسنا في صدد سرد المنجزات ولا تعداد المكتسبات، فالمراقب للشأن العماني يلاحظ عدة امور تستحق الرصد والتحليل سعيا الى استخلاص الدلالات والعبر للاستفادة منها واستثمارها، وهي كثيرة ولا تعد ولا تحصى على أمتداد ربوع البلاد في تشكيلة تنموية متناغمة ومتناسقة تشهد عليها لغة الارقام والموازنات وتؤكدها الانجازات. وهنا يقول جلالته :"نحن لا نخطو الا بعد دراسة عميقة وقناعة تامة وحين نمارس العمل فاننا نراقب ونرى النتائج رائدنا في ذلك الاستجابة لمنطق التطور والانفتاح على رحابه الواسعة والسير نحو اهدافنا بخطى واثقة..".
لقد ضرب جلالة السلطان المعظم اروع الامثلة في بناء مجتمع متكامل قائم على مبادئ ديمقراطية مستمدة من تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف من جهة، وقادرة على التعامل مع المعطيات العالمية والظروف الدولية وما تفرضه الاحدث من تداعيات علمية وثقافية وحضارية من جهة أخرى، فجاء صدور النظام الاساسي كمحصلة لاكتمال مؤسسات واركان دولة المؤسسات ويكون بمثابة المظلة والاساس القانوني الذي يتحرك في نطاقه المجتمع بمختلف اجهزته ومؤسساته المدنية والامنية ويضمن حرية الفرد ويصون كرامته ويكفل له حقوقه كاملة.
انها الرؤية السلطانية الواضحة والعميقة التي يجب ان تدرس في المدارس والجامعات وتوثق في الكتب كمادة علمية وسياسية في حب الوطن والتضحيات من اجله. انجازات داخلية تحققت وحضور متميز خارجيا ، جعل من عُمان موضع احترام وتقدير دوليين، فهنيئا لنا برجل السلام والتسامح والحكمة الذي تسامى بعنفوانه ورباطه جأشه على كل المعضلات والازمات ، وانشأ دولة عصرية متسامحة تعمل من اجل شعب وفي وأمين يستحق من الحكومة الكثير والكثير.. وان تكون كلماته قدوة لنا على مر الايام والازمنة "لا شيء لي، وكل شيء لعُمان واهلها".. حفظ الله سلطاننا واسبغ عليه نعمة الصحة والسعادة والعمر المديد.

د. احمد بن سالم باتميرا
[email protected]