[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
”إن تراجع حزب السلطة ـ الدعوة ـ عن صدارة الاستحقاق الانتخابي قد يفتح الطريق أمام مشهد جديد بدأت ملامحه تظهر للعيان، بعد أن حدد زعيم التيار الصدري الذي تصدر نتائج الانتخابات شروطه لتشكيل الحكومة المقبلة، أولها انفتاحه على الجميع واستبعاده للمالكي، على أن تكون الحكومة من أصحاب الكفاءات والعابرة للطائفية والفاسدين على حد وصفه.”

على عكس ما كان متوقعا لم يحقق حزب الدعوة الذي خاض الانتخابات بقائمتين؛ الأولى رأسها رئيس الوزراء حيدر العبادي، والثانية نوري المالكي الصدارة في نتائج الانتخابات، الأمر الذي يشير إلى أن احتكار الحزب لرئاسة الحكومة قد ينهي حلمه في استمراره في إدارة شؤون العراق.
وطبقا للنتائج الأولية للانتخابات التشريعية فقد ازداد رصيد قائمة "سائرون" التي تمثل التيار الصدري بعد تقدمها في عدة محافظات عراقية، وهو مؤشر على فرصة للتيار، وربما تتحالف معه قوى وكيانات شيعية وسنية تفتح الطريق لتشكيل الحكومة المقبلة.
وفي مقابل هذا المشهد السياسي الجديد فإن المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، والساعي لتشكيل أغلبية سياسية هو الآخر تبددت أحلامه بعدما سجلت نتائجه تراجعا في أغلب المحافظات رافقها غياب شخصيات سياسية وبرلمانية ما يشير إلى أن المزاج الشعبي يميل إلى التغيير ومعاقبة الفاشلين التي تدور حولهم شبهات الفساد.
وحققت كتلة الفتح بزعامة هادي العامري القيادي في الحشد الشعبي المركز الثاني، في حين حلت قائمة النصر برئاسة العبادي في المركز الثالث. وأرجع مراقبون أسباب المتغيرات على الساحة السياسية إلى حركة الاحتجاجات الشعبية منذ أكثر من سنتين هي من عرّت وفضحت الفاسدين ورموز المحاصصة وسياستهم، ووضعتهم في مأزق أدى إلى إبعادهم عن المشهد السياسي. كما أنّ موقف مرجعية النجف من المجرَّبين الفاسدين دفع الجمهور إلى معاقبة سياسيين معروفين بتورطهم في ملفات فساد عندما حسمت أمرها بتأكيد وقوفها على مسافة واحدة من جميع المرشحين ومن القوائم الانتخابية.
ومن مفاجآت النتائج الأولية للانتخابات صعود قائمة "القرار العراقي" التي تمثل أغلب المحافظات السنية وقد حققت نتائج قد تتيح لها احتلال مكانة في المشهد السياسي أو تشكيل التحالفات السياسية التي ستتضح لاحقا. وفي معرض تبريره لنتائج الانتخابات قال العبادي إنه يحترم إرادة الناخبين، داعيا إلى تشكيل حكومة جامعة غير طائفية ورافضة للتدخلات الخارجية، وقادرة على قيادة العراق خلال المرحلة المقبلة.
إن تراجع حزب السلطة ـ الدعوة ـ عن صدارة الاستحقاق الانتخابي قد يفتح الطريق أمام مشهد جديد بدأت ملامحه تظهر للعيان، بعد أن حدد زعيم التيار الصدري الذي تصدر نتائج الانتخابات شروطه لتشكيل الحكومة المقبلة، أولها انفتاحه على الجميع واستبعاده للمالكي، على أن تكون الحكومة من أصحاب الكفاءات والعابرة للطائفية والفاسدين على حد وصفه.
إن شكل التحالفات المتوقعة خلال المرحلة التي تعقب الانتخابات تحتاج إلى تسويات وتنازلات من جميع الأطراف لبلورة صيغة توافقية تخرج العراق من مأزقه، وتعيد الاعتبار للدولة التي فقدت سلطتها باستشراء الفساد وهيمنة الميليشيات المسلحة، ناهيك عن مواجهة التدخل الخارجي الذي بات مؤثرا على تحديد شكل النظام السياسي الجديد.
وطبقا للراشح فإن تراجع بعض القوى في الانتخابات واستبعاد بعضها عن صياغة المشهد الجديد لم يمر بسهولة، لا سيما وأنها تمتلك ذخيرة ونفوذ الدولة التي كانت تقودها، الأمر الذي قد يؤدي إلى عرقلة أي محاولة جادة لتصحيح مسار أي عملية إصلاح حقيقية تعيد الأمل للداعين للتغيير.
لقد بات واضحا أن عجلة التغيير والإصلاح تحتاج إلى إرادة سياسية ورغبة حقيقية بوقف تغول السلاح في المجتمع، وإغلاق منافذ التدخل الخارجي، وقبل ذلك الإقلاع عن سياسة الإقصاء والتهميش والاجتثاث، وتفعيل مشروع المصالحة الحقيقية التي من دونها لا يمكن للعراق أن ينهض من جديد ويخرج من النفق الذي يتخبط به منذ خمس عشرة سنة.