تشكل القضية الفلسطينية بما تحمله من حقوق فلسطينية أصيلة، أحد ثوابت السياسة الخارجية العمانية، فالرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في الشأن الفلسطيني اتخذت منحى واقعيًّا بعيدًا عن التشنجات، فكان الالتزام الكامل بالقرارات الأممية التي أيدت الحقوق الفلسطينية، وكانت مساندة دولة فلسطين وقضيتها في المحافل الدولية التزامًا عمانيًّا لم تحدْ عنه السلطنة منذ بدايات عصر النهضة، وكانت السلطنة عبر دبلوماسيتها النشطة أحد الأصوات الهادئة التي تعبِّر عن وجهة النظر والحقوق والثوابت الفلسطينية حول العالم، وذلك من خلال تأكيد متكرر على تضامن السلطنة ودعمها للحقوق العادلة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو١٩٦٧م وعاصمتها القدس، ودعوتها المستمرة المتواصلة إلى الحل السياسي للصراع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين بما يضمن إقامة الدولتين وتعايشهما السلمي جنبًا إلى جنب.
وتأتي السلطنة من ضمن عدد قليل من الدول الرافضة أن تشغلها الأزمات العربية التي شهدتها المنطقة عن القضية الفلسطينية التي تراها السلطنة هي القضية المركزية للوطن العربي وهي قضية العرب الأولى، خصوصًا عندما تراجع العالم العربي عن نصرتها، فالأزمات العربية والصراعات الداخلية تقدمت القضية الفلسطينية، فيما ظلت السلطنة تذكر الجميع وتطالبهم بضرورة توجيه البوصلة مرة أخرى إلى فلسطين، وسعت عبر علاقاتها المميزة مع كافة الأطراف الفاعلة إلى إعادة القضية الفلسطينية والقدس إلى صلب الاهتمام العربي مرة أخرى، وذلك إيمانًا منها بعدالة الثوابت والحقوق الفلسطينية.
إن الإيمان الكبير بالقضية الفلسطينية يأتي من خلال ثلاثة ثوابت وفق السياسة الخارجية العمانية؛ الأول يستمد شرعيته من القرارت الدولية التي تؤكد حقوق الشعب الفلسطيني، والثاني ينسجم مع وقوف السلطنة دائمًا مع الحقوق الأصيلة للشعوب، والسعي إلى حل القضايا المزمنة والمشكلات المستعصية التي طالما أرَّقت العالم وعرَّضت الأمن والسلم فيه للخطر، وتأييدها المستمر وسعيها الكامل إلى كافة الجهود من أجل وضع حد للمعاناة التي ترزح تحتها الشعوب المظلومة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني. أما الثابت الثالث فيأتي إيمانًا منها بأن تسوية القضية الفلسطينية بالشكل الذي يحقق السلام الشامل والعاد‏ل لجميع الأطراف، خطوة مهمة من شأنها تعزيز الأمن، وترسيخ الاستقرار في هذه المنطقة المضطربة، وتهيئة حياة أفضل لشعوبها وعلى الأخص الشعب الفلسطيني، الذي ترى السلطنة أن إهمال حقوقه أحد أهم العوائق التي تحول بين هذه المنطقة والانطلاقة نحو التنمية والأمن والاستقرار، فالسلطنة تسعى دائمًا إلى إقامة السلام الدائم العاد‏ل والذي يعيد إلى الشعب الفلسطيني المناضل حقوقه المشروعة، ويضمن له العيش الكريم على أرض وطنه، ‏وتكريس طاقاته لإعاد‏ة بنائه وتعميره، وتنميته وتطويره.
ويأتي تصريح معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، الذي ترأس وفد السلطنة بتكليف سامٍ من جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في القمة الإسلامية الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي بمدينة إسطنبول التركية، يأتي تعبيرًا أشمل عن الثوابت العمانية تجاه القضية الفلسطينية، حيث أكد معاليه أن مشاركة السلطنة الدول الإسلامية في القمة الاستثنائية يعبِّر عن موقفها الثابت إزاء القضية الفلسطينية، وأن لا تؤثر التطورات الأخيرة في القضية على مسار المفاوضات بهدف إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وحلها وفق القرارات الشرعية الدولية.