[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” ..الصين تنظر إلى الحرب التجارية على أنها ليست كارثة لها وحدها ـ حيث إن الصين أكبر دائن تجاري للولايات المتحدة كما أن لها استثمارات بالعديد من الشركات الأميركية ـ بل أيضا تراها كارثة على الاقتصاد العالمي إذ يقول وزير التجارة الصيني تشونغ شان ”لا يوجد فائزون في الحرب التجارية...لن تجلب سوى كارثة للصين والولايات المتحدة والعالم“.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من بين موائد التفاوض بطول الأرض وعرضها تبرز المفاوضات التجارية الأميركية الصينية كواحدة من المفاوضات الأكثر أهمية على مستوى العالم حيث أن بنودها وأهدافها واضحة بما تحويه من أرقام ومقارنات كما أن الحديث فيها هو حديث مصالح شفاف لا يغلف بشعارات حقوقية او إنسانية.
فخلال يومي الخميس والجمعة استقبلت الولايات المتحدة وفدا تجاريا صينيا لإجراء محادثات لتسوية الخلافات التي هددت بما يسمى الحرب التجارية التي بدأت نذرها بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الألمنيوم والحديد الصلب الأمر الذي يشمل بضائع صينية بقيمة 60 مليار دولار أميركي.
فالولايات المتحدة ترى أن ما تسميه "تعدي الصين على حقوق الملكية الفكرية يعرض واشنطن لخسارة تبلغ مئات الملايين من الدولارات سنويا" كما أن أميركا تريد معاملة الصين بالمثل، إذ تفرض الصين جمارك بنسبة 25% على السيارات الأميركية.
كذلك دأبت الولايات المتحدة على انتقاد السعر المتدني للعملة الصينية (اليوان) والذي يعطي أفضلية تنافسية للصين في الصادرات نتيجة رخص بضائعها كما يعرقل الواردات بسبب ارتفاع سعر الدولار.
اما الصين فهي تعد الطرف الأقوى في المعادلة التجارية نظرا لما راكمته من مكاسب على مدار سنوات حيث تظهر أخر البيانات الجمركية اتساع الفائض التجارى الصينى مع الولايات المتحدة إلى 22.19 مليار دولار فى ابريل من 15.43 مليار دولار فى مارس.
كما بلغ الفائض التجارى للصين مع الولايات المتحدة 80.4 مليار دولار للفترة من يناير إلى إبريل.
ونظرا لأنها الطرف المستفيد من المعادلة كان رد فعل بكين على الإجراءات الأميركية الدعوة للتفاوض مع إعلان إجراءات مضادة حيث فرضت رسوما جماركية على منتجات زراعية أميركيّة بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي.
ولكن شانها شأن الحروب العسكرية فإن الحرب التجارية أيضا تعمل على كسر عظام الرابحين والخاسرين حيث ان مثل هذه الحرب ستفاقم من معاناة الاقتصاد العالمي خاصة وان رفع الرسوم على الواردات ـ وهو السلاح الأساسي في أي حرب تجارية ـ يؤثر على تكاليف الإنتاج خاصة وإن كانت الواردات من مستلزمات الإنتاج كما هو الحال في المعادن التي تدخل في صناعة السيارات الأميركية وبالتالي فعند زيادة كلفة الإنتاج يزيد السعر وتقل التنافسية في الأسواق الداخلية والخارجية.
كما أن الصين تنظر إلى الحرب التجارية على أنها ليست كارثة لها وحدها ـ حيث أن الصين اكبر دائن تجاري للولايات المتحدة كما أن لها استثمارات بالعديد من الشركات الأميركية ـ بل أيضا تراها كارثة على الاقتصاد العالمي إذ يقول وزير التجارة الصيني تشونغ شان ”لا يوجد فائزون في الحرب التجارية...لن تجلب سوى كارثة للصين والولايات المتحدة والعالم“.
مضيفا أن ”لا أحد يريد خوض حرب تجارية، والجميع يعلم أن خوض حرب يؤذي الآخرين ولا يفيده“.
ولأن الجانبان يدركان ذلك جيدا ويعلمان مدى خطورة الحرب التجارية على مصالحهما بدأت المفاوضات تؤتي نتائج ايجابية حيث عرضت الصين حزمة تتكون من امتيازات تجارية وزيادة مشتريات السلع الأميركية بهدف خفض العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين بقيمة تصل إلى 200 مليار دولار سنويا.

هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]