[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
بينما صوّرت وسائل الإعلام الأميركية الحرب بأنها ستكون " خاطفة" فقد تصوّر غالبية العراقيين أن الحرب ستكون " طويلة" وأن الوصول إلى بغداد سيأخذ مدة ليست بالقصيرة، لكن سرعة تقدم القوات الأميركية لم تغير كثيرا من قناعات الشارع العراقي المسبقة، في حين تأثر المزاج الأميركي بذلك التأخير في إنهاء الحرب.
في الاول من أبريل 2003 تم الإعلان للمرة الأولى، عن الحالة النفسية، التي يعيشها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، وقالت وسائل الإعلام الأميركية، وهي تصف الرئيس الأميركي بقولها واستناداً إلى مشاهدات من داخل البيت الأبيض، إلى أن بوش اصبح متعكر المزاج وساخطاً على منتقدي العمليات العسكرية. كما أن المقربين من بوش قالوا، إن سير العمليات في العراق، أثر كثيراً على مزاجه، وأنه من النادر رؤيته وهو يمازح الموظفين، بل إنه كثيراً ما يسخر منهم، وذهب البعض من أصدقائه إلى أنهم يشعرون بالقلق على الرئيس.
وبينما لم تنشر وسائل الإعلام العراقية، أي شيء عن يوم الرئيس صدام حسين، وكان هناك نوع من التعتيم الكبير على حركته ونشاطاته، فإن وسائل الإعلام الأميركية، نشرت نتفاً من اليوم التقليدي للرئيس الأميركي، وذكرت، انه يبدأ يومه بقراءة الصحف، ويحصل في الساعة السادسة من صباح كل يوم من مستشارته لشؤون الأمن القومي على تفاصيل ما يحصل في جبهة الحرب، عبر الهاتف. أما بعد الساعة الثامنة، فأنه يعقد اجتماعاً لمجلس الأمن القومي.
وذكر قريبون من الرئيس صدام حسين، أنه كان يتابع تطورات الحرب من خلال التقارير العسكرية، التي تصله بصورة متواصلة، كما حرص على أن تكون هناك الأطباق اللاقطة (الستالايت) في الأماكن التي يتواجد فيها، والتي تم إعدادها خصيصاً قبل بداية الحرب بأكثر من أسبوع. في حين كان الرئيس بوش يعبر عن غضبه من المراسلين وهو يتابع تغطيات الحرب من خلال التلفاز، ولم يخف انزعاجه الشديد من الجنرالات المتقاعدين، الذين كانوا يشككون علناً في تكتيكات الخطة العسكرية.
أما في ميدان الحرب، فقد كانت الأمور تسير باتجاه آخر، خاصةً في الجانب العراقي، ولا يدرك خطورة هذا الاتجاه، إلا الذين كانوا في داخل ميدان المواجهة، والذين يتنقلون لسبب أو لآخر، بين المدن العراقية، ويشاهدون بأم أعينهم حجم القصف والتدمير العنيف والمتواصل، الذي تتعرض له قطعات الجيش العراقي بصورة عامة، وقوات الحرس الجمهوري على وجه الخصوص. وإذا تمكنت البيانات العسكرية العراقية وبعض التصريحات من رفع المعنويات لدى المقاتلين العراقيين بنسبة بسيطة، خلال الأسبوع الثاني من الحرب، فيمكن القول، إن بداية الأسبوع الثالث، هي نقطة التحول الأهم في الحرب، رغم إن الجبهة الداخلية العراقية، ظلت متماسكة، ولم تظهر بوادر قوية، تشير إلى تفكك الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية الأخرى.
لكن التطورات التي بدأت تقفز إلى واجهة الأحداث منذ بداية الأسبوع الثالث للحرب، لا يمكن فصلها، عن الذي حصل على ارض الواقع داخل العراق، خلال الأسبوعين الأولين من الحرب.
لكن بصورة عامة فمنذ الأيام الأولى، وحتى انتهاء القصف في التاسع من أبريل، كان المراسلون والمعلقون يصحون صباح كل يوم ليبثوا خبراً تكون مقدمته متشابهة تماماً، يقول: لقد عاشت بغداد ليلة مرعبة، ولم تشهد مثيلاً لها في الأيام السابقة، بسبب القصف الشديد، هذا يعني أن الذي يستطيع أن يُقَّيِمْ حقيقة ما يجري، ليس الذي يسمع الأخبار ويشاهد ألهبة النار والدخان المتصاعد، عبر شاشات الفضائيات، وإنما الذي يدرك ما يحصل، الذي تهتز الأرض من تحته، وترتج الجدران والأبواب والشبابيك، حتى يتخيل المرء أنها ستنقلع من أماكنها.