قطعت السلطنة شوطًا كبيرًا في توفير الرعاية الصحية للجميع في كل مكان وفي زمن قياسي، حيث أثار هذا الإنجاز الانتباه على المستوى المحلي والدولي، وهو ما يحسب للنهضة المباركة التي حملت على عاتقها صحة الإنسان أينما كان، فلم تبخل عليه في توفير ما يحتاجه من رعاية طبية وعناية صحية، بل عدَّته من صميم أهدافها الخلاقة التي جاءت من أجلها لتستكمل الدور الحضاري والبنَّاء والمؤثر الذي سارت عليه عُمان طوال حقب التاريخ، ذلك أن صحة الإنسان جزء أصيل في تحقيق هدف بناء الإنسان الذي اعتبرت النهضة المباركة تنميته غاية وهدفًا، فالإنسان السليم والمتمتع بالصحة الجيدة هو القادر على التطوير والتعمير والبناء وعلى قيادة قاطرة التنمية.
واللافت خلال مراحل العمل في القطاع الصحي أن السلطنة عدَّت أن تحقيق الإنجازات في هذا القطاع إحدى ركائز الدولة العمانية العصرية، ليشمل المؤسسات الصحية بمختلف أنواعها المستشفيات المرجعية والمراكز الصحية والأجهزة والمعدات الطبية الضرورية، والكادر البشري الذي يدير دفة هذه المؤسسات، حيث سارت عملية التطوير والرقي بالخدمات الصحية المقدمة للمواطن والمقيم والزائر بالتوازي؛ أي المؤسسات والكادر البشري؛ حيث لا تزال السلطنة تبذل في هذا الجانب جهودًا مقدرة ولافتة في سبيل الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية، سواء بالتعاقد مع أفضل الأطباء وابتعاث الأطباء العمانيين والمتميزين من الهيئات الفنية والتمريضية إلى الخارج للحصول على درجات علمية أعلى والتخصص في بعض المجالات المطلوبة، فضلًا عن التدريب المستمر لرفع مستوى أعضاء الهيئات الطبية والفنية والتمريضية، للوقوف على أحدث ما وصل إليه العلم والتقنية في تشخيص وعلاج الأمراض. ولما كان لكل جهد ثمرة نجاح، فإن النتائج الطيبة المحرزة في القطاع الصحي والمتمثلة في الكفاءات والكفايات العمانية الطبية، والعمليات الجراحية التي يجريها أطباء عمانيون تمثل ثمارًا يانعة أخذ يقطفها هذا الوطن العزيز.
لذلك، ما تحصل عليه السلطنة اليوم من إشادات ومراكز متقدمة في المجالات الصحية لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء تتويجًا للجهود المبذولة في هذا الشأن، فحين تضع السلطنة اسمها في مصاف الدول ذات براءات الاختراع في مجال صناعة الأدوية لعدد من الأمراض لهو أمر جدير بالاحترام والتقدير، ومحل فخر.
ويعد فوز السلطنة عبر مرشحها الدكتور أحمد المنظري مدير عام الجودة بوزارة الصحة بمنصب المدير الإقليمي لشرق المتوسط(Emro)لمنظمة الصحة العالمية، وبأعلى الأصوات استحقاقًا بمكانة السلطنة إقليميًّا ودوليًّا، وتعبيرًا عن ما تحظى به من احترام وتقدير دولييْن في ظل هذا العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه. وكانت الانتخابات أجريت أمس الأول في جنيف بمقر الصحة العالمية وبحضور مدير عام المنظمة وأصحاب المعالي وزراء الإقليم، وعدد من أصحاب السعادة المندوبين الدائمين لدى الأمم المتحدة في دول الإقليم.
ومما يعطي هذا الفوز مكانته، ويعكس قبل ذلك مكانة السلطنة دوليًّا هو التنافس على المنصب الذي شمل سبع دول بينها دول لها باع في المجال الصحي، حيث حظي المترشح العماني بأعلى الأصوات، مكتفيًا بجولة أولى.
ما من شك أن هذا المنصب يرتب مسؤوليات وتحديات وعلى قدر ذلك فإن السلطنة بحول الله وتوفيقه قادرة على أن تؤدي دورها وتكون عند حسن الثقة والظن والاختيار، فمثل هذه المناصب ليست غريبة على السلطنة، كما أنها ليس أول مرة تشغلها، وكما قال معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة فإن علاقة السلطنة مع جميع الدول بالإقليم متميزة ومحل تقدير وتعاون، وسوف تتيح للمدير الإقليمي العمل بحرية وسهولة ويسر، وأن السلطنة ستبذل قصارى جهدها في أن يلعب المكتب الإقليمي دورًامهمًّا لتنفيذ سياسة المنظمة في الرقي بالصحة في إطار الخطة العالمية للتنمية ٢٠٣٠.