كل التحركات التي يقوم بها معسكر التآمر والعدوان على سوريا لا تعبِّر إلا عن راهن معبأ باليأس والبؤس جراء الانهيارات المتتالية التي مُني بها مخطط تدمير الدولة السورية، والانكسارات المتوالية التي تُمنى بها كل التنظيمات الإرهابية التي راهن عليها معشر المتآمرين في إنجاز مخططهم، ونتيجة لذلك جاء دخول الأطراف الأصيلة في مخطط الاستهداف والتدمير بصورة مباشرة من أجل محاولة إسناد ما تبقى من شراذم التنظيمات الإرهابية المتوزعة في الجغرافيا السورية، ولمحاولة تنظيم صفوفها مجددًا بعد رفع معنوياتها بإشعارها بأنها ليست الوحيدة في الميدان، ولتعويض حجم الخسائر الهائلة وترميم ما انهار من جدران التآمر.
المؤسف أن هذه الأطراف الأصيلة وحتى الوكيلة تعطي ذاتها حقوقًا مخالفة للقانون الدولي ولشرعة الأمم المتحدة، كتدخلها في الشأن الداخلي السوري، وانتهاك سيادة دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، وفوق ذلك تدعم الإرهاب ضد هذه الدولة ألا وهي الدولة السورية، وهو ما يعد خرقًا فاضحًا وواضحًا لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي، وما يزيد الأسف أكبر هو أن المبررات التي تدثرت بها هذه الأطراف المتآمرة على سوريا لتنال منها وتصل بها إلى هذا الوضع من الدمار والخراب والتهجير والقتل، هي مبررات أسقطتها طبيعة التدخل السافر، والعداء الشامل للدولة السورية بأجمعها دون استثناء؛ فجميع مجريات الأحداث والأفعال التي ارتكبتها هذه الأطراف لا تمت بصلة لا من قريب أو بعيد بشيء من الشعارات الزائفة والجوفاء التي رفعتها لتبرير تدخلها ودعمها الإرهاب وتدمير البنى الأساسية للدولة السورية.
ووفقًا لذلك، فإن أي وجود عسكري أجنبي أيًّا كان وتحت أي مبرر هو في التوصيف القانوني له يعد احتلالًا، ووجودًا غير شرعي ينتهك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، ما لم يكن بإذن الحكومة الشرعية المنتخبة، وبالتالي الوجود الأميركي في سوريا كما الوجود البريطاني كما الوجود الفرنسي كما الوجود التركي مثل الوجود الألماني هو وجود في التصنيف القانوني الدولي غير شرعي ومنتهك لسيادة سوريا، ويرتب على الدولة المعتدى عليها أن تتعامل معها كقوة احتلال، وهذا ما أكدته دمشق أكثر من مرة بأن القوات التي دخلت الأراضي السورية وبدون إذن أو طلب رسمي من الحكومة السورية هي قوات احتلال ووفقًا لذلك سيتم التعامل معها.
فقيام القوات الفرنسية الخاصة بتعزيز وجودها في الأراضي السورية بدون موافقة وطلب من الحكومة الشرعية السورية هو خرق للقانون الدولي، واعتداء سافر لسيادة الدولة السورية، حيث قامت هذه القوات بنشر ست بطاريات مدفعية على الحدود السورية العراقية، في حين تواصل تعزيز وجودها بشمال سوريا في مناطق منبج والحسكة وعين عيسى والرقة بذريعة دعم الميليشيات الكردية الانفصالية المعروفة باسم "قسد".
وكما هو معروف، فهذا التعزيز العسكري الفرنسي يأتي تلبية لرغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي طالب فرنسا ودولًا أخرى بإرسال قوات إلى سوريا لتحل محل القوات الأميركية التي يقول ترامب إنه يريد سحبها، إلا أن الأخطر في هذا الوجود العسكري غير الشرعي هو التدحرج في سياسة خلق العقبات التي لا تشي بوجود نية أميركية حقيقية بالانسحاب من الأراضي السورية أو تشي بإمكانية رؤية حل الأزمة في الأفق القريب، حيث الرهان لا يزال على أشده على المكون الكردي المُمثَّل في ميليشيات الانفصال "قسد" في تحقيق الأحلام الاستعمارية لواضعي مخطط تدمير سوريا بتقسيمها إلى كانتونات طائفية وعرقية متناحرة.