[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
في ردة الفعل الاميركية إزاء الاتفاق النووي الايراني، ليس من ايراني يبلل الدموع اذا ماذهبت المواقف نحو خيارات صعبة، او مثلا يضبط ارتعاد القدمين خوفا,, كلما حمي وطيس الصراع ، ازدادت الثقة الايرانية، تظهر العلامات الحقيقية دائما في حالات الاضطراب الشديد.
ليس مايهابه الايراني مما قد يترتب على الانسحاب الاميركي من الاتفاق .. اللعبة المتشعبة كونها تحوي اطرافا عدة متناقضة المصالح، سيحاول كل منها ان لايخرب مازرعه في علاقته مع طهران. هنالك دائما سعي للخروج من ابتزاز اميركا التي ارتضت المعنى الاسرائيلي في الصراع القديم الحديث بينها وبين ايران. لايمكن الانسجام اطلاقا بينهما، والكلمات السحرية الايرانية في وصف اميركا حاضرة دوما وفي قلب التجربة الايرانية وقبل ان تصل اقدام الخميني الى الحكم. ألم يتكرر الكلام النهائي على ان اميركا هي الشيطان الاكبر .. ومنذ حادثة السفارة الاميركية في اول نجاحات الثورة الايرانية، برزت علامات التطبيق للنظرية الخمينية وللروح الجديدة التي صدمت الاميركيين بهذا الغضب العارم.
من كان يعتقد ان توقيع الاميركي على الاتفاق النووي سيظل الى الابد كان مخطئا، ويعرف الايرانيون امرا كهذا بخبرتهم ودراساتهم السياسية والصراعية والنفسية، وبأنه سيأتي رئيس ما للولايات المتحدة سيضرب عرض الحائط بالتوقيع، واميركا مغناجة في اي تصرف، فهي من يفعل وهي ايضا من ينسحب من الفعل، ومن يرض ثم يبطل رضاه، فنحن دائما نكرر جملة مهندس السياسة الاميركية الاسبق هنري كيسنجر بان صداقة اميركا مشكلة وعداوتها كارثة.
اعتقد ان الاميركي منذ ان وقع على الاتفاق كان يتوقع ماسيحدث في المستقبل .. مفهوم القيم عند المفرط في قوته تختلف عند كل القوى الآخرى، فالاميركي يفكر دائما انه يتعامل مع العالم من باب الاخذ والعطاء، وليس ايمانا به وبقيمته المادية والمعنوية بالنسبة اليه .. وهو ايضا لديه شعور دائم بانه سيفيد اكثر من ان يستفيد .. ومن الحتمي انه ينظر الى العالم النامي بكل دوله، نظرة دونية، حتى لو فرق فيما بينها من حيث موقعها وقيمتها ودورها في الصراع، وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط.
لكل هذا، ليس غريبا انسحاب ترامب من الاتفاق، واكاد اجزم ان الايراني كان وضع السيناريوهات المسبقة لهذا الانسحاب منذ ان تم التوقيع عليه، وغرد العالم طربا لذلك التطور الذي اعتبر في وقته انجازا كبيرا، لكنه في عرف الايراني كان بمثابة مرحلة يجب عدم الاعتماد على ثباتها، وستخضع لمتغيرات عند اول رئيس آخر في الولايات المتحدة تشده الى اسرايل اواصر اكثر من المصالح والتبعات والعلاقات.
المدرسة السياسية الايرانية تعاملت مع موضوع انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بدبلوماسيتها الباسمة التي عبر عنها وزير الخارجية محمد جواد ظريف وكأنها لم تشكل حدثا بالنسبة اليه، بل ان السيد علي خامنئي اختصر المسألة بروحية التفوق الايراني في الالتزامات المبدئية. وما زال الرئيس روحاني يقدم بلاده بانها فير مكترثة .. هنالك دائما لدى الايراني شعور التفوق الذي له فرادته.
حتى الآن لم يسقط الاتفاق، ثمة رافعة له في الموقف الاوروبي والروسي، لكن الرهان ان يظل على حاله اوروبيا، واسرائيل مازالت تلعب في اوروبا بكل عناصر العلاقات المركزة التي تملكها، فيما الولايات المتحدة تعمل على خط ساحن آخر تريد من هلاله احتواء تدريجيا للمواقف الاوروبية.